في الشمال تتسلط على الأرض في الجنوب، وكان لوضع الأرض على هذه الصورة فائدة لجيش المسلمين
وليس لدينا معلومات عن تعبئة المسلمين في ميدان القتال، وتدل الأخبار على أن أبا حذيفة كان يقود الميمنة وشجاعا الميسرة ويزيد بن الخطاب القلب وأسامة بن زيد الخيالة. فهل كان كل من المهاجرين والأنصار على مجنبة من المجنبتين، وكانت القبائل في القلب؟ أو أن المهاجرين والأنصار كانوا في القلب وكانت القبائل في المجنبتين؟ أو أن المهاجرين كانوا في القلب مع قبائل الحجاز، وكان الأنصار على إحدى المجنبتين وكانت قبائل البادية في المجنبة الأخرى؟
هذه أسئلة يصعب الإجابة عنها. والواضح من مجرى القتال أن إحدى المجنبتين (ولعلها الميسرة) انهزمت فتلاها القلب ووصل إلى الخيام في الضعن. وأن أهل القرى - المهاجرين والأنصار وأهل الحجاز - عزوا هذه الهزيمة التي كادت تقضي على المسلمين إلى أهل البادية. فلنا من ذلك أن أهل البادية كانوا في الميسرة، وكان المهاجرون مع بعض قبائل الحي في الميمنة، والأنصار مع البعض الآخر من قبائل الحجاز في القلب. ويظهر أن الخيالة كانت في الأمام فانسحبت إلى الميسرة لتراقب الوادي، وكان الضعن وراء القلب وفيه الخيام والنساء. ووقف خالد بن الوليد وراء القلب يراقب سير القتال.
صفحات القتال
نشبت المعركة صباحاً واستمرت إلى العصر. فبذل الفريقان قصاراهما لتغلب أحدهما على الآخر واقتتلا اقتتالاً شديداً. وكما يقول الطبري كانت الحرب لم يلق المسلمون مثلها قط. وجرى القتال في ثلاث صفحات: تغلب الحنفيون في الصفحة الأولى على المسلمين وأزاحوهم إلى الضعن وكادوا ينتصرون عليهم. وفي الصفحة الثانية كر المسلمون راجعين فتغلبوا على أعدائهم فأزاحوهم من المحل الذي وصلوا إليه. وبعد أن تضافرت جهودهم استطاعوا أن يهزموا الحنفيين. وفي الصفحة الثالثة اعتصم الحنفيون في الحديقة فحاصرها المسلمون من كل صوب ودخلوها عنوة وقضوا على البقية الباقية من الحنفيين. ونذكر فيما يلي مجرى القتال في كل صفحة من الصفحات الثلاث: