للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

الأول من التوراة: لقد وردت على الملك سليمان، كما تقول التوراة، (وأعطت الملك مائة وعشرين وزنة ذهب وأطيابا كثيرة جدا وحجارة كريمة. لم يأت بعد مثل ذلك الطيب في الكثرة الذي أعطته ملكة سبأ الملك سليمان.)

إن رحلة ملكة سبأ إلى القدس حوالي سنة٩٥٠ قبل الميلاد تتفق والتوسع العظيم في تجارة القوافل في التاريخ القديم وأغلب الظن أنها قامت بتلك الزيارة بوصفها رئيسة لأغنى وأقوى دولة في جنوب الجزيرة العربية للعمل على تعزيز طريق البهارات، كما قامت بها لرؤية الملك سليمان.

إن أغلب أشجار الطيب تنمو في الجنوب الشرق من حضر موت والعصارات التي تتساقط من جذوع المر واللبان على هيئة دموع متجمدة، تجمع وتحمل على ظهور الإبل إلى سواحل البحر الأبيض المتوسط على بعد ٢٠٠٠ ميل تقريباً. كان طريق القوافل يتجه في العادة غرباً عبر الأراضي الحضرمية، ثم ينحرف نحو الشمال متاخما للساحل الشرقي من البحر الأحمر. وعلينا أن نسلك جانبا من ذلك الطريق، في طريقنا إلى وادي بيحان.

طرنا من لندن، أنا وجلادس، إلى عدن عاصمة المحمية. حيث منيت بموقف عصيب مع حاكمها السر ريجينالد شامبيون. لقد سبق لي القيام بزيارة تمهيدية إلى عدن قبل بضعة أشهر. عندما كنت أفتش عن موقع من المواقع الأثرية، فتحصلت في ذلك الحين من القائم بأعمال الحاكم، لغياب السر ريجينالد في إنكلترا، على إجازة بالذهاب إلى وادي بيحان. لقد كانت كلمت السر ريجينالد الأولى حينما رآني:

(لو كنت في عدن حينما جئتها مؤخراً أيها الشاب، لما سمحت للبعثة بالدخول إليها قطعاً. فهناك كثير من مشاكل السياسة والأمن تكتنف المنطقة التي تود اكتشافها) وتوقف عن الحديث. فهيأت للكلام، ولكنه أردف مبتسما:

(وعلى كل فما دمت وجماعتك قد وصلتم فعلى الرحب والسعة)

لم يكن السر ريجينالد متصلبا. فقد تعاون البريطانيون معنا جهد استطاعتهم فأمدونا بخمسة وعشرين عربيا من جنود الحكومة يقودهم أحد الأشداء في عدن، وجهزونا بكتاب لشيوخ العرب جميعهم في الداخل، يفيد بأن بعثتنا، ليست عسكرية ولا تجارية، ولكنها علمية بحتة

للكلام بقية

<<  <  ج:
ص:  >  >>