ليت شعري عن الهمام ويأتيك بخبر الأنباء عطف السؤال
أبن عنا إخطارنا المال والأنفس إذ ناهدوك يوم المحال
ونضالي في جنبك الناس يرمو ... ن وأرمى وكلنا غير آلي
فأصيب الذي تريد بلا غش وأربى عليهمو وأوالي
ليت أني أخذت حتفي بكفي ولم ألق ميتة الأقتال
محلوا محلهم لصرعتنا العا ... م فقد أوقعوا الرحا بالثفال
فهو في هذه الأبيات يذكر الملك بما قدمه له، وأنه عرض نفسه وماله للمخاطر حين نهض لرد كيد الأعداء، وأنه كان يناضل أعداء أقوياء، وأنه كان ظافراً بهم عليهم، ثم يتمنى أن لو كان أخذ حتفه بكفه بدل أن يموت ميتة الأعداء، ولكن هؤلاء الأعداء كادوا كيدهم ونجحوا فيه.
ثم ها هو ذا عدي يذكر للملك النعمان دخوله على كسرى يوم أراد أن يختبرهم ويعقد لأحدهم على الحيرة، وكيف أنه كان يعالن إخوته يقول ويبطن غيره، وكيف أنه لم ينكل ولم يحجم حين دخل النعمان على كسرى في هذا اليوم العصيب:
وكنت لزاز خصمك لم أعرد ... وقد سلكوك في يوم عصيب
أعالنهم وأبطن كل سر ... كما بين اللحاء إلى العسيب
ففزت عليهموا لما التقينا ... بتاجك فوزة القدح الأريب
وهذه أبيات يذكر فيها عدي النعمان بسعيه له وجهاده من أجله، ويحذره أن يكون كالذي يداوي نفسه، وبعد أن بريء، عاد فأوهن نفسه وأمرضها. ومعنى هذا أن للنعمان بعدي قوة، فلا يضغفن نفسه بحبس عدي أو قتله:
لا تكونن كآسى عظمه ... بأساً حتى إذا العظم جبر
عاد بعد الجبر يبغي وهنه ... ينحون المشي منه، فانكسر
واذكر النعمى التي لم أنسها ... لك في السعي، إذا العبد كفر
وما كان عدي يتوقع الشر من النعمان، صهره، وصديقه، وشريكه في السراء والضراء. وإذا كان الشر منه، فإنه لا يجد له دفعا، كالشرق بالماء، فإنه لا يجد ما يعتصر به، لأن الاعتصار يكون بالماء، فإذا شرق الإنسان به، فإنه يكون قد أتى من حيث يأمن ويرجو