إن كنت لم تنقع صدى ... فسواك يغري بالظماء
حسبي بأنك مالئ ... عيني سحرا بالرواء
يا أيها الأمل المنمق ... من أفانين الغباء
أني لقيت بك السعا ... دة وهي حظ الأغبياء
لو أن لي لبا لما ... آنست في أفن هباء
أنا لو وثقت بظلها ... فعليك يا عاقل العفاء
هذا، وقد عاش الشاعر في الريف فخصه بكثير من خواطره فهو يصف طبيعته الفاتنة وسحبه وبروقه وغمائمه، ويشارك أهله ما يجدون من عواطف وأحاسيس، فيرثي أقطابه وذوى الوجاهة فيه، ويرسم ألواحا بديعة للجمال المشترك الموزع بين المروج والحسان والغدران، مما يزين جوانب الريف ويجلو حنادسه المتراكمات، وتعجبني نظراته الاجتماعية الصادقة، وخلجاته الإنسانية التي ألتمعت متوهجة في آخر قصيدة (من صور الريف) فهو يحدثك عن تعس العقل وشقائه، حين لا يجد بدأ من الخضوع للأوهام والأضاليل، بعد أن كابد الداء العضال وأعوزه الشفاء عن طريقه الطبيعي للعلاج، فيلجأ إلى التمائم والرقي والتعاويذ، على يد أناس جهلة مماسيخ!! راميا بآخر سهم في كنانته، وذلك قصارى ما يستطيع!!
وجاء شيوخ الحي والكل ناهض ... بإبلاله من دائه المتفاقم
وقالوا عليه باللحي لكأنها ... لبود ليوث ساء طب الضراغم
ومسوا بأيديهم يديه وأقبلوا ... يلوكون بالأفواه رجع الهماهم
وقال كبير القوم خذ هذه الرقي ... فنطها على اسم الله فوق الجماجم
ونطت بأعلاه، التمائم والرقي ... على سوء ظني في الرقي والتمائم
ورب فتى لم يعصم العلم نفسه ... فيلقى بها ضعفا إلى غير عاصم
ولهذه الوثبات الرائعة نظائر متناثرة في صفحات الديوان، وقد يجمح بنا اليراع إذا تناولناها ببعض التشخيص في هذا النطاق الضيق المحدود!!.
ولعلي بهذا العرض السريع، لأبرز عناصر الديوان، ألفت كثيرا من القراء إلى الإصلاح عليه وتقديره، وقد يكون إعجابي به دافعا إلى التغاضي عن بعض هناته الطفيفة، فعين