وكفى الخيام دليلاً على علو منزلته وسامي مقامه، وجليل قدره هذه الأبيات التي وجهها إليه في مستهل إحدى رسائله الإمام أبو النصر ممد بن عبد الرحيم النسوي قاضي الديار الفارسية آنذاك وتلميذ الشيخ الرئيس أبى علي ابن سينا.
قال الإمام أبو نصر:
إن كنت ترعين يا ريح الصبا ذميي ... فأقرئ السلام على العلامة الخيمي
بوسي لديه تراب الأرض خاضعة ... خضوع من يجتدي جدوى من الحكم
فهو الحكيم الذي تسقى سحائبه ... ماء الحياة رفات الأعظم الرمم
هذا هو الخيام الحقيقي لا الأسطوري، الخيام المجرد عن تزاويق الباطل وبهارجه، العاري من ثوب البهتان وأصباغه.
نماذج من شعر الخيام
ليس شعر الخيام كله مقصوراً على الرباعيات وحدها، بل الثابت إنه كان يقرض الشعر في اللغة العربية أيضاً، وله في هذا المجال أبيات فريدة وصلت إلينا تدل على علو كتبه، وسعة إطلاعه ورسوخ قدمه في العربية وفنون بلاغتها، حتى ليستحق أن يعد بحق قرناً لأعظم الشعراء العرب في جميع العصور.
فلنستمع إليه الآن في هذه القطعة التي نظمها في الفخر على طريقة أبي العلا المعري في قصيدته المشهورة (ألا في سبيل المجد ما أنا فاعل).
قال الخيام:
إذا قنعت نفسي بميسور بلغة ... يحصلها بالكد كفي وساعدي
أمنت تصاريف الحوادث كلها ... فكن يا زماني موعدي أو مواعدي
ولي فوق هام النيرين منازل ... وفوق مناط الفرقدين مصاعدي
أليس قضي الأفلاك في دورها بأن ... تعيد إلى نحس جميع المساعد
متى ما دنت دنياك كانت مصيبة ... فوا عجباً من ذا القريب المباعد
إذا كان محصول الحياة منية ... فسيان حالا كل ساع وقاعد