تراجم أصحاب الحسن وطلابه الفقهاء. فلا عجب والحالة هذه إذا ما وصفه المستشرق المعروف براون في بحثه عن نشأت الاعتزال بالفقيه المشهور. أما في مجال البيان فكان يشبه برؤبة بن الحجاج، فقد كان الحسن حقاً أحد فضلاء الإسلام وبلغائه، وكان طلقاً لبقاً، يحذق الحديث وفن الخطاب، حسن البديهية والارتجال. وقيل للحجاج من اخطب الناس قال: صاحب العمامة السوداء بين أخصاص البصرة يعني الحسن وقال الغزالي: كان الحسن البصري أشبه الناس كلاماً بكلام الأنبياء وأقربهم هدياً من الصحابة. وكان قصاصاً يعد من افضل القصاص واصدقهم، يستخرج العظة مما يقع حوله من حوادث، يجلس في آخر المسجد وحوله حلقته، حيث كان نظام التدريس العالي آنذاك يجري على شكل حلقات المحاضرة والمناظرة.
لم يسلم الحسن البصري - كما مر بنا - من انتقادات وجهت إليه في أيام حياته، فقد تهجم عليه الشيعة الإماميون والخوارج لأنه وقف على الحياد من موقعة صفين، إلا إنه مع ذلك ظل يعتبر بين الناس رئيس الصوفية الكلاسيكية، ومربياً لعدد من المعتزلة الميالين إلى التصوف، كما تبعه بعض المحدثين من اهل السنة، وانتهت كل الحملات عليه بموته، وأثنى عليه الشيعة في بعض الأحيان وذكروا وآثره ومن ثم لا نستغرب من رواية ابن خلكان بان اهل البصرة كلهم تبعوا جنازته بحيث لم يبق في المسجد من يصلي صلاة العصر. وكانت وفاته ١١٠هـ ودفن في البصرة القديمة، وقبره الآن بجانب قبر ابن سيرين مزار لمختلف الفرق الإسلامية.