نفسه مغايرة للمذهب الجبري عند الجبريين، فنظرية الحسن والحالة هذه تقول بالحرية على أن تكون مرتبطة بيقين إلهي.
وختاماً لتصوف الحسن البصري ينبغي إلا يغرب عن البال إن أول اتصال بين الصوفية ونظام الفتوة تم في دائرة الحسن البصري؛ حيث كان الحسن نفسه يعرف بـ (الفتى) أحياناً وب (سيد الفتيان) أحياناً أخرى.
ثقافته العامة ومكانته الاجتماعية
كان الحسن أستاذ أهل البصرة، وبدرهم الطالع، يقول عنه ابن سعد: كان الحسن (جامعاً عالياً رفيعاً فقيهاً ثقة مأموناً عابداً ناسكاً كبير العلم، فصيحاً جميلاً وسيماً) قال ثابت ين قرة الصابئي (ما أحسد هذا الأمة العربية إلا على ثلاث أنفس: عمر بن الخطاب في سياسته، والحسن البصري في علمه، والجاحظ في فصاحته وبيانه. ويروى عن الربيع ابن أنس بأنه اختلف إلى الحسن عشر سنين أو ما شاء الله ما من يوم إلا يسمع منه ما لم يسمعه قبله.
لم يكن الحسن مختصاً بعلم من العلوم أو بفن من الفنون؛ إنما كان متضلعاً بثقافة عصره، تطرق إلى المعارف المختلفة التي أذنت بالازدهار في محيط الإسلام. فقد وجه تعاليمه إلى عقول سامية لا إلى خيالهم، وبذلك أسس في الإسلام طريقة للتفكير تتعلق مباشرة بأوليات الفلسفة بحيث يمكننا أن نقول إن أول مدرسة فلسفية نشأت في الإسلام كانت في البصرة برئاسة الحسن البصري. كذلك كانت مواعظه رائعة تعمل في تكوين العقيدة وعلم أصول الدين واللاهوت. ويذكر له ابن النديم مصنفاً في التفسير، وله أيضاً كتابات في الشروح القرآنية، وقراءاته القرآنية مشهورة. وله مكانته في تطور النحو وعلم الكلام وخاصة في الفقه. فقد دعا إلى التفقه بالدين، بقي له مصنف، لعله كان في الفقه باسم (الإخلاص) ورد ذكره في أخبار الحلاج المفكر الصوفي المشهور، ولا نكون مغالين إذا قلنا ان له فضلاً عظيماً في تقدم الفقه الإسلامي وتوسيع طاقته، فقد سئل انس بن مالك عن مسألة فقال: سلوا مولانا الحسن، وذكر عنه قتادة وقال: ما جالست فقيهاً إلا ورأيت فضل الحسن عليه، وقال أيضاً ما رأيت عيناي افقه من الحسن، وقال بكر بن عبد الله: الحسن افقه من رأينا ومناقبه كثيرة ومشهورة. ودرج أبو اسحق الشيرازي في طبقات الفقهاء عدداً يسيراً من