رأى أصحابه ذلك أمنوا المارد وعادوا وعاد معهم الربيع، فقال المارد يخاطبهم:
- إنه بستانكم أيها الصغار الآن. ثم تناول معولاً كبيراً فهدم به الجدر القائمة حول البستان. فكان الناس إذا مروا به في طريقهم إلى السوق في منتصف النهار رأوا المارد يلاعب الأطفال في اجمل بستان تقع العين عليه!
وظل داب الأطفال كذلك، يلعبون طوال النهار، حتى إذا أمسى المساء وخيم الليل، جاءوا إلى المارد فحيوه وانصرفوا
وقد سألهم المارد مرة عن صديقهم الصغير الذي كان قد رفعه على الشجرة، فأجابوه، بأنهم لم يروه من قبل، ولا رأوه من بعد، ولا يعرفون أين يسكن. لشد ما حزن المارد على ذلك الطفل الصغير الذي قبله!
بقي الأطفال على هذا: يختلفون إلى البستان عصر كل يوم بعد انتهاء دروسهم، فيلعبون مع صديقهم المارد. . . غير أن الطفل الصغير وحده كان المتخلف من بينهم أبداً. ولكم كان المارد يشتاقه ويحبه، ويتحدث عنه ويتمنى أن لو يراه.
ومضت عللا ذلك السنون تتبعها السنون، فشاخ المارد وعجز عن مشاركة صغاره اللعب. فكان يجلس على مقعد وثير ليتفرج عليهم هانئاً مغتبطاً. وكان يقول في نفسه:
- إن في هذا البستان لكثيرا من الأزهار الجميلة. ولكن اجمل منها في نظري هؤلاء الصغار.
وفي صباح يوم شات - وقد اصبح الشتاء الآن لا يفزع المارد، وإنما هو إغفاءة قصيرة لا يلبث الربيع بعدها أن ينهض بإزهاره وتهاويله - في صباح ذلك اليوم، بينما كان المارد يرتدي ثيابه إذ بصر بشيء هاله. فكذب نظره وكذب نفسه. . . إنه منظر مدهش عجيب! أفي الإمكان هذا؟ شجرة حالية بالنوار الجميل في تلك الزاوية القصية وتحتها طفله الصغير الذي احبه واقفاً؟
هرول المارد نازلاً يستخفه الفرح، وجاز إرجاء الحديقة مسرعاً حتى جاء إلى الطفل، وما كاد يقترب منه ويراه حتى طما غضبه واربد وجهه، وسأله قائلاً حين بصر بآثار مسمارين على يديه ومثلهما على رجليه:
- من ذا الذي تجرأ فجرحك؟ قل من ذا الذي تجرأ عليك ففعل؟