الذي في أغوارهما كلما حاولت امتحان عواطفها إزاء رجل من زبائن الحانة
واصبح وجه ديزيريه مألوفا دى باتان من طول تردده على حانة أوبان. . فكان يراها ماثلة أمامه وهو في موكب صيده ناشرا شباكه في المياه الهادئة أو الصاخبة على حد سواء. . أو كان بتخيله تومئ إليه في حلكة الليل الساجي، أو تحت ضوء القمر الفضي الساهر. . فكان يطيل التفكير فيها. . وكم كان يهنا بذلك التفكير وهو جلسته عند مؤخرة المركب، ويده مستقرة على سكانه. . بينما ارتكزت رؤوس بحارته الأربعة على أيديهم وقد راحوا تحت تأثير نومة استسلام هادئ لذيذ بعد إجهادهم اليومي المرهق. . وفي كل تلك الحالات التي كان يتخيلها فيها. . كان يراها تبتسم إليه وهي ترفع يدها لتملأ كأسه بالرحيق الملون هامسة وهي تتأهب للابتعاد عنه:
أليس ذلك هو كل ما تطلب؟
أحس أخيرا أنها أصبحت تشغل حيز تفكيره كله. . فلم يستطيع كبت تلك الرغبة التي كانت تلح عليه في أن يتخذها حليلة له، وطلب يدها من أبيها
وأجيب باتان إلى مطلبه: فقد كان يمتلك مركباً وشباكا علاوة على منزل بالقرب من الميناء. . وفي حين كان أوبان العجوز لا يمتلك شيئا. . وتمت معدات الزفاف دون تأخير
انقضت ثلاثة أيام أستيقظ بعدها باتان من الحلم الذي كان يعيش فيه، وهو يعجب كيف أنه اعتقد يوما أن تلك الفتاة ديزيريه تختلف في شيء عن غيرها من النساء. وابتدأ ينعت نفسه بالجنون، ويعيب عليها ضعفا وخضوعها لذلك القيد الذي قيدت نفسها. . القيد الأبدي الذي استسلم إليه تحت تأثير الخمر. . . نعم؟ لقد كان الخمر هو السبب في ذلك الزواج. . . الخمر التي كان يعتقد اعتقاداً جازما أن الفتاة قد مزجتها ببعض العقاقير السحرية للإيقاع به
ولم يكف باتان عن سب نفسه طوال ذلك الوقت. . وما كاد يصلإلى ذلك الحد من التفكير حتى ألقى فضلات التبغ المتبقية في غليونه؛ وراح ينقل أسماكه الواحدة إثر الأخرى، وهو يغمغم غاضبا
وعندما بلغ منزله وجد زوجته - ابنة أوبان العجوز - قابعة هناك كعادتها. فلم يحيها بحرف. بل راح بكيل لها ألفاظ السباب الحادة. . فقابلتها الفتاة بأحد منها، إذ كانت طبيعة والدها الهمجية متأصلة فيها، وكان ذلك مما يزيد في غضب زوجها وإيلامه. ولكن تلك