الآلام لم تبلغ الذروة إلا في تلك الليلة التي اعتدى عليها فيها بالضرب
وخلال السنوات العشر التي تعاقبت بعدئذ. . . لم يكن هناك من حديث يدور بين أهل الميناء إلا عن تلك المعاملة القاسية التي كان يتبعها بانان مع زوجته، لا لشيء إلا لأنه كان موهوبا بالسليقة بلهجة في سبابة لم يكن هناك في فيكامب من يضارعه فيها
وعاشت المرأة المسكينة في جو من الخوف والرعب عشر سنوات كاملة اعتادت أثناءها الوحدة والسكون، عشر سنوات كاملة فيها الكفاية لتجعل منها هزيلا يشبه هيكلسمكة صغيرة جافة
- ٢ -
استيقظت امرأة فجأة ذات ليلة على صوت أنين أرياح وهمهمة ريا ح البحر. . فجلست على فراشها وراحت أفكارها تتجمع في نقطة واحدة حتى تركزت في ذكرى زوجها الغائب في مركبه وسط العاصفة، وقفزت من الفراش ثم هرولت نحو الميناء التي كانت قد امتلأت بجموع النساء وقد حملن في أيديهن المصابيح ينرن الطريق لرجال الذين هرعوا بدورهم إلى هناك لمحاولة نجدة من يحتاج إليهم من الصائدين. . وظلوا محدقين في المياه السوداء الممتدة في جلال وروعة وقد بدت أشباح مراكب الصيد الصغير وهي ترتفع وتنخفض فوق أمواج الصاخبة، ودامت العاصفة خمس عشرة ساعة
وكان من نتيجة ثورة الطبيعة أن أحد عشر صائدا قدر عليهم ألا يعودوا إلى منازلهم أبداً. وكان باتان من بينهم
وقذفت الأمواج بحطام سفينة باتان (أميلي الصفراء) إلى أحضان شاطئ (سان فاليري) ولكنها لم تظهر أي أثر لجسد باتان
كان من أمكن أن يكون قد أصبح طعاما للأسماك. . كما كان من الممكن أن يكون قد انتشل من المياه وأبحر مع منقذيه إلى حيث يقصدون
وعودت المرأة نفسها أن نجا حياة الأرملة. . ولكنها إلى جانب ذلك لم تكن تمتنع عن استقبال سائل أو مسافر أو بحار داخل مخدعها
وانقضت أربعة أعوام على اختفاء رجلها
ومالت الشمس إلى المغيب. . وهبت نسمات باردة تنذر اقتراب الليل. . فزعت الأطيار