للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

ثم أنك (يا قارئي الكريم) - لو ألقيت نظرة على قصيدته المشهورة - من أين والى أين - لرأيته ينفذ في مواضع كثيرة قول العلماء المشهور ونظريتهم المعروفة التي تتلخص في (إن الضياء حاصل من اهتزاز الأثير فيقول: -

من أين من أين يا ابتدائي ... ثم إلى أين يا انتهائي

أمن فناء إلى وجود ... ومن وجود إلى فناء

أمن وجود له اختفاء ... إلى وجود بلا اختفاء

لأي أمر ذه الليالي ... تأتي وتمضي على الولاء

أرى ضياء يروق عيني ... ولست أدري كنهه الضياء

وما اهتزاز الأثير إلا ... علالة نزرة الجلاء

وهنا يرى (القارئ) أن الشاعر الكبير قال في البيت الأخير ما معناه (أن العلماء فسروا ذلك التفسير المبهم لأنهم لا يدركون الحقيقة بل وجدوا ذلك الحل تخلصا في حلقة مفرغة لا يتصلون إلى نهايتها بتاتا)

ثم يصف تزاحم الذرات في الجسم وهو ما يسمى (عرك الإلكترونات) فيقول: -

فإن أجزاء كل الجسم ... مبتعدات بلا اتقاء

وفي دقاق الجماد عرك ... يتهم الحس بالخطاء

وينتقل بعد ذلك فيخاطب تلك القوة الخارقة المعروفة قوة الجذب فيقول: -

يا قوة الجذب أطلقيني ... من ثقلة أوجبت عنائي

ثم يتابع القول فيتجه نحو الكهرباء السماوي الذي ينبعث من النجوم والكواكب والأقمار فيقول

وأنت يا كهرباء سر ... بدا وما زال في غشاء

عجائب الكون وهي شتى ... فيك انطوت أيما انطواء

أضأت إن شئت كل داج ... لنا وأدنيت كل ناء

ففي هذه القصيدة لاحظ - القارئ الكريم - أن المرحوم الرصافي قال في أهم النظريات العلمية الحديثة، فقد قال في (تزاحم الإلكترونات) وجزيئات الجسم ثم في قانون الجذب العام ونظرية دارون في النشوء والارتقاء وفي الإشعاع الضوئي، هذه المواضيع كلها

<<  <  ج:
ص:  >  >>