للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

تصور لنا مدى تتبع الشاعر الكبير للنظريات العلمية، تفنيدها في مواضع ومجاراتها في مواضع أخرى

وتتبلور الفكرة التي نتحدث عنها في وضوح شامل في قصيدته ال (كن يا ضياء) ومعناها (كن إلى ذلك الشيء يا ضياء. . . أو توجه إليه) وبها ينتقد أكبر العلماء وأرقاهم مدارك في علوم الفلك والطبيعة: حيث يقول

أبيني ما وراءك يا دراري ... فنحن نخاله بعدا شطونا

قد أتسع الفضاء لك اتساعا ... فهل أبعاده بك ينتهينا

وترصدك الأنام وما أتانا ... بعلم كيانك المترصدونا

(فهدشل) ما شفا منا غليلا ... ولا (غاليل) أنبأنا اليقينا

و (كبلر) قد هدى أو كاد لما ... أبانك يا نجوم تجاذبينا

ومن كل ما تقدم يتبين للقارئ الكريم أن للرصافي عقلية استوعبت كثيرا من العلوم، وأدركت من الحقائق والمحسوسات ما جعلها ترتفع شيئا كبيرا عن المستوى الفكري السطحي لأكثر الشعراء

ونحن بهذه الكلمة البسيطة لا يمكننا تبيان ما نريده في مجال هذا الموضوع المتشعب، إذ لو أردنا تحقيق ذلك وإدراكه لاحتجنا إلى كثير من الصفحات، وكثير من الساعات بل الأيام لكي نسجل بها أو نشرح ما قاله شاعرنا الكبير في هذا الصدد

ولكن لا بأس من أن ننهى حديثنا هذا بما قاله العلامة الكبير (المغربي) في مقدمته للطبعة الثانية من ديوان (الرصافي) حيث كتب يقول في هذا الباب - باب الكونيات - ما يلي (. . . وقصائده (تجاه اللانهاية) و (من أين إلى أين) و (نحن على منطاد) و (الأرض) و (الكن يا ضياء) و (ومعترك الحياة) وغيرها لو حولت إلى نثر كانت من خير المقالات التي وصفت بها الكائنات وصفا منطقيا على أخر نظريات العلم الحديث. . ففيها بيان أو شرح لوحدة المادة، والجاذبية، والأثير الكهربائية، وأشعة (رنجتن) وأراء دارون في النشوء والارتقاء، ومذهب ديكارت في التوصل إلى اليقين عن طريق الشك، ومبادئ الاشتراكيين في أن تكون للعامل حصة من إنتاجه)

تركوا السعي والتكسب في الدنيا وعاشوا على الرعية عاله

<<  <  ج:
ص:  >  >>