للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

إن سر السرطان كسر النمو بل هو سر الحياة نفسها، وإلى الآن لم يتمكن أحد من معرفة سر التفاعل الذي يحدث في قلب الخلية الحية، والمعروف من وظائف الخلية ١: أن تمثل المواد الغذائية غير الحية وتحولها إلى مواد حية، وهذه العملية تدعى بالاصطلاح العلمي (أنا بوليسم) وهي مأخوذة عن اليونانية ومعناها التركيب. ٢: أن تحلل المواد المركبة الطبيعية الحية وتحولها إلى فضلات بسيطة، وهذه العملية تدعى (كاتا بوليسم) من لفظة يونانية معناها (التحليل) وهاتان الوظيفتان تؤلفان ما يدعونه (ميتا بوليسم)، وما الميتا بوليسم سوى تفاعل الحياة نفسه، محولا إلى شكله البسيط كما يراه الكيميائي

لا ينكر أن العلم قد تقدم في درس الميتا بوليسم، غير أن تقدمه ما يزال محدودا. لقد عرف كيف تحلل الخلية بعض العناصر المركبة وتحولها إلى عناصر بسيطة، ولكنه لا يعرف إلا شيئا ضئيلا عن الطريقة التي تحول بها الخلية العناصر البسيطة إلى عناصر مركبة ضرورية لنموها. ثم إن لدى العلماء اليوم معلومات عن الطريقة التي تحول بها الخلية العناصر الحية إلى عناصر ميتة، ولكنهم لا يعرفون شيئا عن كيفية تحويل العناصر الميتة إلى عناصر حية. إن مشكلة السرطان منوطة بهذا النوع الثاني من الميتا بوليسم، فهي إذن ومشكلة الحياة سواء

والسرطان ليس داء مختصا بالإنسان، بل يتناول الحيوان والنبات أيضا، فهو يصيب الفئران والقطط والكلاب وخنازير الهند والأرانب والخيل والغنم والمعز والضفادع والسمك والطيور وغيرها، كما يصيب أنواعاً شتى من النبات. وهو يختلف شكلا ونوعا، فما يسببه من الأعراض في حيوان لا يسببه في غيره، فإذا لقح أرنب من هافانا مثلا بنوع من الأورام، فقد ينمو كالسرطان، ولكن إذ لقح أرنب من حملايا بالنوع ذاته فانه ينمو بعض الوقت ثم يضؤل. وقد لاحظوا أن معالجة كيميائية قد تنفع في بعض الأورام السرطانية ولا تنفع في غيرها، وهذا مما يدل على وجود أنواع مختلفة من السرطان , أو أن هذا الذي يدعونه سرطانا ليس داء واحد بل أنواع متباينة وإن يكن تشخيصها الظاهرة واحداً. ولهذا يجب أيجاد معالجات تختلف باختلاف أنواع السرطان. أما والأمر ما ذكرنا فمن الحماقة أن يرتجي اكتشاف دواء واحد للسرطان كما يقال عن دواء وحيد لذات الرئة. والسرطان كغيره من الأمراض يفرض على الطبيب قضايا ثلاثاً: السبب، والتشخيص، والمعالجة

<<  <  ج:
ص:  >  >>