فسبب السرطان هو أعقد المشاكل التي تعرض الطب في بحوثه السرطانية، وقد تشعبت فيه الآراء، وكلها نظريات لا يؤيدها إثبات مقنع، وفي مذهب الكيمائيين اليوم أن المباحث السرطانية يجب أن تبني على درس الحوامض الخلوية، فقد لاحظوا أن تجزؤ الخلية ينتج عن وجود بعض تلك الحوامض فيها، فإذا تمكن رجال العلم من تشخيص العوامل التي تنظم وظائف انقسام الخلية، فعندئذ نستطيع أن نقول إنهم حلوا معضلة السرطان
إن التجارب التي أجريت في الحوامض الخلوية الموجودة في الكروموزموم (الكروموزوم مادة توجد في نوايا الخلايا التي تتمركز فيها الصفات التناسلية) قد أسفرت عن نتائج مدهشة، فإن نفرا من الخبراء في معهد روكفلر توصل إلى تحويل نوع من الأعضاء الميكروسكوبية في بقة إلى نوع أخر. وهذا أمر لم يحلم به البيولوجيين من قبل. وقد دلت النتائج على أن من الممكن، على الأقل من البقة، تغيير أو تعديل نمو الأعضاء الميكروسكوبية. وليس بدعا أن تتم هذه العملية في الإنسان. ومتى تمت جاز لنا أن نعتقد أن في بعض الحالات غير الطبيعية كالسرطان مثلا يستطاع بوسائل اصطناعية - أي باستخدام عناصر كيميائية أو طبيعية - توقيف النمو غير الطبيعي وتوجيه الخلايا الفوضوية إلى المجرى الطبيعي. غير أن كل هذا لا يخرج الآن عن فرض وأمل، وقبل أن يبلغ العلم هذه الأمنية يقتضي له جهودا كبيرة وتجارب عديدة ومحاولات لا تحصى
وتتجه أنظار البيولوجيين اليوم إلى العوامل التي تسبب الفوضى في الخلايا السرطانية فتنمو بكثرة وبغير نظام، والمعروف عن الخلايا السرطانية أنها أشد نشاطا وأكبر حيوية من الخلايا العادية السليمة. والمبدأ الذي يعتمدون في أبحاثهم قائم على حكمهم بوجود اختلاف كبير في كيفية التغذية بين الخلايا السليمة والخلايا السرطانية ولا سيما الأغذية الكربوهيدراتية. ويرون أن للخلايا السرطانية طريقة خاصة في التغذية، ولكنهم حتى اليوم لم يهتدوا إليها أو بالأحرى لم يهتدوا إلى معالجة فعالة
وهناك نظرية أخرى تقول إن السرطان مسبب عن فيروس فيجب إذن أن يعد في جملة الأمراض الميكروبية. وما برحت هذه النظرية منذ خمسين سنة موضع اختلاف العلماء. وهي تبني اليوم على واقع أثبته الاختبار؛ وهو أن الفيروس سبب سرطان الدجاج وبعض