إننا نعلم ما يقرره علماء النفس من أن أحداث الطفولة ذات أثر هام يصحب المرء طيلة حياته، فلا يستطيع أن يتخلص من تأثيرها الساحر، مهما امتد الزمن وتطاولت الحياة!! ومن هنا كنت العناية بتنشئة الطفل مقدسة محتومة. ولكن أي الأحداث تنفرد بالتأثير والبقاء طيلة الحياة؟؟ من المؤكد أن ما يتعقله الطفل، ويلمسه بيده، ويخالط شعوره وإحساسه، هو ما ينطبع في مخيلته، ويصاحبه في مراحل عيشه، أما ما يحيط به دون أن يدرك مراميه واتجاهاته، فلا يأخذ مكانه من الشعور والإحساس، بل يمر مراً سريعا طائرا دون أن يخلد إلى ركون واستقرار، وما أرى أن بيعة المسلمين لأبى بكر دون علي قد خالطت شعور الطفلة الناشئة، أو جالت بخاطرها بضع لحظات، فلم نتخذ منها مقدمة لنتيجة لا تؤدي إليها بحال، وقد يكون ما ذكرته السيدة عن وفاء الزهراء، وزواج علي بأخريات بعد فاطمة، قد ترك أثره المحزن في نفس الطفلة، لأنها تحسه تمام الإحساس، أما حديث البيعة والنقاش بين فاطمة والصاحبين فما لا يقام له حساب في هذا الموضوع بالذات، إلا أن يكون الغرض تسويد الصفحات
هذه بعض ملاحظات عابرة لا تغض من قيمة الكتاب، وقد تحاشيت أن أناقش كثيرا من الجزئيات التاريخية، فاعرض لها بتأييد أو تفنيد، مكتفيا بالملاحظات الرئيسية التي تشمل الأساس والتصميم دون أن افحص أحجار البناء المتراصة، حيث كان الهش اللين منها محاطا بأعمدة صلبة تعوقه من التداعي السريع، ولا ننكر في النهاية ما بالكتاب من سلاسة مترقرقة تجذب القارئ إلى مطالعته في شوق وارتياح، وتحمل آلافا من الكسالى الخاملين على القراءة المثمرة والاطلاع المفيد؛ بدل أن يعكفوا على الروايات البوليسية، والقصص العاطفية، وما تزخر به الصحافة الماجنة من تبذل واستخفاف