للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وحين هم الرجل بمفارقه زميلته العجوز تشبثت به قائلة:

- اسمح لي بمرافقتك حتى مسكنك

فقال لها - إن مسكني بعيد، بعيد جداً

فقالت - سأرافقك. لن أتركك ولو كان مسكنك في القطب الشمالي!

فقال - كما تريدين. ألقي نفسك على ظهري. وتعلقي برقبتي جيدا

فلما فعل ضرب الرجل بقدمه اليسرى فانشقت الأرض، ولمع ضوء كضوء البرق، كما دوى صوت كصوت الرعد! فهبط الاثنان إلى أعماق الأرض! كان ذلك الرجل الغريب شيطانا رجيما!

فلما وصل بالعجوز إلى الجحيم، أراد أن ينزلها من ظهره فأبت! فحاول ثانية فعصت! كانت تطوق عنقه بقوة حتى ظهرت عروق وجهه وجبهته زرقاء نافرة! لم تنجح محاولاته الكثيرة. . فطفق يتجول بحمله الثقيل في أشد محلات الجحيم سعيرا وأكثرها أهوالا! لكنها بقيت تطوق عنقه بشدة! حتى ضاق ذرعا فتوجه إلى ملك الجحيم يسأله حيلة يتخلص بها من حمله. فضحك ملك الجحيم من حاله وقال له:

- الطريقة الوحيدة للنجاة - أيها المجنون - هي أن تعود بها إلى الأرض، فتتركها حيثما وجدتها

رجع الشيطان إلى الأرض يصب كل اللعنات الجهنمية على عجوزه وعلى الساعة التي عرفها فيها. فسار في البرية يلهث من التعب، فصادف راعيا شابا يغطي جسده بجلد من جلود الأغنام وما إن رأى الشيطان لاهثا حتى قال له هازئا:

- يا لها من طريقة لحمل النساء الفاتنات!

فقال الشيطان كاتما حنقه - هذه هي الطريقة التي ترتاح إليها عند السفر

أجاب الراعي قائلا - لم اقصد هذا، إن حملك الجميل ثقيل جدا، بحيث جعلك تلهث تعبا، هل أستطيع مساعدتك؟

فلم يكد يسمع الشيطان هذا القول حتى تنفس الصعداء، وأسرع يجيب متوسلا وقد تقاطرت من عينيه الدموع:

- بربك أيها الصديق ارحمني، أشفق علي، فإني أكاد أختنق وأكاد أموت تعبا، إني بحاجة

<<  <  ج:
ص:  >  >>