مذهب تعسفي الفطرة البشرية ويعيش على كبتها وكبحتها بقوة الحديد والنار. فهو مذهب ضد الطبيعة البشرية؛ فمن المحال أن تطمئن إليه الإنسانية. . لقد تندفع إليه فرارا من نار الاستغلال الرأسمالي والطغيان الاستعماري. . ولكنه مجرد اندفاع اضطراري؛ كالمستجير من الرمضاء بالنار كما يقولون في الأمثال.
ويبقى النظام الاجتماعي الإسلامي وحده، يحمي البشرية من طغيان الاستعمار، دون أن يكبت الفطرة البشرية، ويحكمها والنار. .
وهذا ما يجعل البعث الإسلامي حركة كونية، حركة إنسانية. حركة طبيعية. . وهذا ما يجعله ضرورة لا لتخليص الرقعة الإسلامية وحدها من شر الاستعمار، ووقايتها في الوقت ذاته من شر الشيوعية، بل لتخليص البشرية كلها من المأزق الذي صارت إليه، ومن القلق الذي تعانيه، ومن الخواء الذي انتهت إليه حضارته الغرب بعد ثلاثمائة عام!
ولكن هذا كله ليس معناه أن حركة البعث الإسلامي ستلقي ترحيباً من الكتلة الشرقية أو الكتلة الغربية، أو إسنادهما وعملائهما ودعاتهما في الوطن الإسلامي. . وإذن فسيثور كثير. وقد بدت طلائعه من نواحي شتى. وفي صور شتى. وبوسائل شتى. .
اخذ بعضهم يثير الريب والشكوك، مدعياً أن الإنجليز أو الأمريكان هم الذين يخلقون حركة التكتل الإسلامية ليقفوا بها في وجه الشيوعية. .
وفي ذات الوقت أخذوا يثيرون المخاوف من رد الفعل في العالم المسيحي أي الكتلة الغربية - إذا التكتل العالم الإسلامي!!!
وهكذا في وقت واحد، يكون العالم المسيحي هو الذي يخلق حركة التكتل الإسلامي، ويكون هو نفسه الذي يكره حركة التكتل الإسلامي!!!
ومرة يأتي الغبار من جهة الهند، ومرة يجيء من ناحية لبنان، ومرة يجيء من فرنسا، ومرة يتبع من الأرض المصرية. . والصحافة المصرية المأجورة لأفلام المخابرات البريطانية والأمريكية تنفذ تعليمات هذا الأفلام. . وعملاء الشيوعية ينثرون الريب والشكوك في كل مكان. .
كل هذا يجب أن يكون متوقعا. ويجب مع ذلك أن تسير الدعوة إلى الكتلة الإسلامية في طريقها لا تحفل هذا الغبار. وأن تسير الاستعدادات العلمية في طريقها بضغط الشعوب