للمفاهيم. وتجميع للحقائق. وأما تغيره فبتطور منتجاته المادية، وأحواله المعاشية، وأخلاقه، وعاداته، وسبله في الحياة عموماً. وعلى العكس من هذا كله المجتمع الراكد (الستاتيكي) فهو، من ناحية ضعيف بإنتاجه المادي والعقلي، ومن ناحية أخرى ساكن واقف لا تتغير أحواله ونظمه إلا قليلا على ممر السنين.
ولا حاجة بنا إلى القول أن الحركة في المجتمعات المتحركة، والركود في المجتمعات الراكدة، ليسا صفتين مطلقتين، وإنما الاختلاف بينهما اختلاف نسبي يتوقف على أحوال هذه المجتمعات وعلى قوة العوامل المؤدية إلى الحركة والركود أو ضعفها. كذلك هاتان الصفتان ثابتتين لرجوعها - كما يعتقد البعض - إلى الجنس الذي يتكون منه المجتمع، والذي إن تغير أو تبدل فإلى حد أدنى بكثير من التغير أو التبدل الراجع إلى العوامل الاقتصادية والاجتماعية. إن الأبحاث الحديثة، واختبارات الإنسانية، قد أنبتت فساد التعليل الجنسي المطلق، وأقرت للعوامل الاقتصادية والاجتماعية بالأثر المستقبل الراجح، فلكم من مجتمع راكداً في بعض مراحل حياته ثم انتفض وتحرك، على ثبات في تكوينه الجنسي وإرثه العرقي. ولا ينكر أن للعرق أثره، ولكن هذا الأثر ليس مطلقاً، ولا - بعرفنا - راجحا، وإنما الراجح في تطور المجتمعات هو العوامل الاجتماعية المتشابكة الناتجة من علاقة المجتمع بمحيطيه وعلاقة عناصره بعضها ببعض.
وتبعاً لهذا نقول إن مرد الحركة (الدينا ميسم) في مجتمع ما إلى مقدرته على التفاعل بينه وبين محيطة الخارجي، وعلى تفاعله الداخلي في نفسه. والمحيط الخارجي ذو وجهين: محيط طبيعي مادي، وآخر بشري اجتماعي. والحركة والحياة تنشأن عندما يكون المحيط الطبيعي على درجة متوسطة بين اللين والشدة، بحيث تستدعي شدته نشاط المجتمع، وييسر لينة، في وقت ذاته، لهذا النشاط أن يزدهر ويثمر. فإذا كان المحيط الطبيعي ليناً كل اللين، واستطاع الإنسان فيه أن يرضى شهواته البدائية بأيسر السبل، لم يكن هناك داع للهمة والنشاط ولتوليد الحركة وبث الحياة. وكذلك، إذا كان المحيط في الطرف الآخر من حيث القسوة والشدة تغلب على مقدرة الإنسان، في المراحل الأولى من تطوره، وسل حركته، منع تقدمه. ومنع تقدمه. وهذا ما ترى واضحا كل الوضوح في المناطق القاسية المناخ، حرارة أو برودة أو رطوبة أو جفافاً، أو التي يغلب عليها الجليد أو الأدغال أو