توجه إليها. لا يكفي مجتمعنا أن يتغلب على الطبيعة ويضبطها، بل عليه مع هذا، إن لم نقل قبل هذا، أن يضبط نفسه ويتغلب على أهوائه. لا يكفيه أن يتبين الحقيقة التي اكتشفها بالعقل، بل عليه أن يولد الإدارة التي تمنع تشويهها أو استخدامها لما هو مناقض لطبيعتها، وبالتالي هادم لأركان المجتمع.
هنا تظهر العلة الأصلية في المدينة الحديثة وداؤها الدفين، فلقد أحرزت هذه المدينة تقدما شاسعاً واسعا في ميدان استثمار الطبيعة، لكنها لا تزال مقصرة تقصيرا شائنا في معرفة الغايات التي يجب أن توجه إليها نتائج هذا الاستثمار وفي تكوين الإدارة الصحيحة لهذا التوجيه. وقطعت كذلك لا تزال عاجزة عن الأمثال لها بل هي تمعن تحويلها عن غايتها واستخدامها للشر والفساد.