جميع من يرتئيها كلهم نفر ... حجوا إليها وهم بالموت عميان
إن الحياة وهذا الموت يطلبها ... في شرعه الصدق تزوير وبهتان
قالوا سنلقي غداً ما سوف يفرحنا ... في جنة عندها البواب (رضوان)
فيها الفواكه من تين ومن عنب ... وفي جوانبها حور وولدان
هذا جميل، ولكني بلا أمل ... ففي حياتي ضلالات وكفران
إن الذي أسكت الغريد أسكته ... وفي مشيئته جور وطغيان
إني إلى النار ماض خالد أبداً ... ففي مسالكها للشعر ميدان
قالوا اسينصب في يوم الحساب لنا ... عند المهيمن قسطاس وميزان
الموت نوم فلا صوت ولا خبر ... خلوا فؤادي فإن النوم سلطان
هذا (علي) مضى لم يبكه أحد ... ولا أفاض عليه الحزن فنان
أوحى إلى الشعر ما أوحى ومن عجب ... أن يصدر الشعر وحياً وهو شيطان
أما بعد فهذه قصيدتي في رثاء البلبل الذبيح الذي لم يرثه أحد من الشعراء، وكان يجب أن يرثيه زميله أحمد رامي.
كان البلبل يمر بالقهوة مرور الطيف ليتحدث معي، ويأنس بلقائي، وكنت أتحداه أن يساجلني فلا يستطيع، لأنه لا يقوى على الارتجال، فقد كان يتأنق في شعره كما يتأنق في هندامه، والشعر في ذاته تأنق.
في سهرة بمنزل توحيد بك السلحدار ومعنا الأستاذ الزيات أخذ راية الشعر من أيديكم، فيقول: لن تستطيع يا دكتور.
أخرجت من جيبي ورقة وقرأت الأبيات الآتية:
عجب الناس من بقاء أديب ... رغم بغي الخطوب والأيام
أنا أيضاً عجيب من طول عيشي ... في زمان مجنح بالظلام
إن يوماً يمر من غير غم ... هو طيف يمر في الأحلام
لا صديق يرد ديني عليه ... لا حبيب بقي بعهد الغرام
قد سئمت الحياة أو سئمتني ... فرمتني بكيدها الهدام
قال لي صاحبي: نراضع قليلا ... تجد الرزق صافياً كالمدام