للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إقامة الأساس الذي تستند إليه فكرتنا عن ذلك الكتاب وعن مؤلفه العالم الأديب.

ونستطيع القول أنه منذ ربع تقريباً، وقد بدأت حاجة الشعوب الإسلامية إلى النهضة من جديد في الاشتداد؛ نعني أن هذه الشعوب قد بدأت في مرحلة الإحساس بالظمأ والجوع إلى الاستقرار العام والتنظيم الشامل. . على الأساس الإسلامي؛ ونعني أيضاً أن مشاعر الفكرة الإسلامية في نفوس هذه الشعوب قد دخلت في دور آخر دعامتاه: التكتل من جهة، والتكوين من جهة أخرى، ولقد كان ذلك الدور الحديث نتيجة طبيعية لأدوار الانحلال التي منيت بها القرون الإسلامية الأخيرة تحت وطأة الحكم الفردي، بما جره من ألوان الخلافة والإمارة والإقطاع؛ فذلك الانحلال الذي أصاب الشعوب الإسلامية هو نفسه الذي أشاع اليأس القاتل فيها، وشوه العقيدة والسلوك في القلوب والأذهان. . وهو نفسه أيضاً الذي أحدث الأمل كرد فعل طبيعي مباشرة، لما شاع من يأس وما استشرى من قنوط. ونملك أن نؤكد بأن ذلك الأمل قد بزغ أول ما بزغ، وأشرق أول ما أشرق. . في أرض الحجاز بدعوة (محمد بن عبد الوهاب) السفلية. . ثم ما أعقبه من أصداء الدعوة، في آسيا. . على يد الإمام الشوكاني، والسيد أحمد، وجمال الدين الأفغاني، وفي أفريقيا. . على يد السنوسي، ومحمد عبدة، وجمال الدين الأفغاني.

ويجب أن نقرر: أن الحكم الفردي الذي كان السبب الأول والمباشر، لانحلال الفكرة الإسلامية وتدهور شعوبها، هو الذي قضى على أزهار الدعوة الوهابية وانتشارها، وشوه حقيقتها في نفوس معتنقيها ومؤيديها إن لم يكن قد طمسها؛ وأن الطابع الفكري المحض، الذي اقسم به الدعاة من بعد ابن عبد الوهاب، هو الذي باعد بين عامة تلك الشعوب، بين هذه الدعوات وأطبها، فاتجه هؤلاء الدعاة إلى الحكومات دون الشعوب، والى الخاصة دون العامة. . وساعد على ذلك كله أن مرحلة الظمأ والجوع أو اليقظة الشعبية، لم تجاوز بعد الفجر الأول للأمل؛ وأن الروح التكوينية التربوية، وكانت شديدة البعد عن هذه الدعوات، وبخاصة فيما أعقب دعوة ابن عبد الوهاب من دعوات. وعلى أية حال. فقد مهدت دعوة ابن عبد الوهاب وما حدث بعدها من أصداء، لحدوث الفجر الصادق للفكرة الإسلامية؛ لتبدأ مرحلة الظمأ والجوع في الاشتداد؛ ولتدخل الجموع الشعبية في طور (التكتل) الذي تمخض حتى الآن عن (إندونيسيا والباكستان)، وفي طور (التكوين) أو طور الشروق - كما يحلو

<<  <  ج:
ص:  >  >>