استيعاب كثير من كتب الأدب القديم وكتب الصوفية والفلسفة؛ فشغلته هذه الدراسات عن نفسه حتى دب إليه الوهن فتوفى سنة ١٩٣٧م. هذا هو مختصر حياة التيجاني، ولكن الذي يقرأ شعره يدرك أن السنوات القصيرة التي عاشها الشعار ما ذهبت عبثاً - وإن كانت عمر الورد - لأنها تركت لنا أنغاماً عذبة يظل صداها يرن في سمع الكون مدى الزمان وإليكم اللحن الأول
النائم المسحور
أيها النائم في مهد أغاني ولحني ... هكذا يدفق يا ناعس في حسنك حسني
هكذا ينفذ سلطاني ويستهويك حزني ... هكذا يهبط في عينيك ما تدفع عيني
أنت يا واهب ألحاني ويا ملهم فني ... أنت فجرت لي اللحن ففيأنك أمني
إنما أصنع من كرمك صهبائي ودنى ... إنما أسحر عينيك بما تسحر م
يا أماني التي أعبدها من كل لون ... وأغاني التي ألهمها ملهم جن
والتي ذوبها الشاعر في الصوت الأغن ... كلما طار بها العود وقرأها المغني
خفقت ذات جناحين: مدو ومرن ... عبرت كل فؤاد وتغشت كل أذن
هكذا يدفق يا ناعس في حسنك حسني ... وكذا ينفذ سلطاني ويستهويك حزني
ومن هنا يدرك القارئ الكريم أن الناحية الغنائية هي التي تطفي على شعره وهي التي تقتصر على التغني بالحوالج النفسية والاحساسات الروحية الذاتية، وهو شعر جميل في حد ذاته وأكثره خالد؛ لأن النفس تميل إلى الإشادة بمن يشرح آلامها ويعبر عن انفعالاتها كما يقول الدكتور إبراهيم في خطبته التي لقاها في تأبينه، ولا نريد أن ندع التيجاني دون أن نقدم له قطعة موسيقية أخرى من شعره الغنائي الذي أعده من أخلد الشعر وإن اختلفنا أنا والأستاذ عباس خضر في هذا العدد. ولنسمعه في قصيدته المنشودة ص (٢٠) من الديوان تحت عنوان: