للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

سيكون اخطر مما يتصورون، وأن الشرق مقبل على فجر (صادق) يطوى الاستعمار طيا وأصروا على أن يطول الليل. . وان يذهب الفجر. . ولا يعود. . ترى هل استطاعوا؟

وقف الغرب يرقب في لهفة، ذلك الرجل الذي جاء ليجدد (دعوة) محمد بن عبد الله. ومضى يسير على نهجه في بساطة وأناة. . لا يسبق الحوادث، ولا يصدم نواميس الكون

الرجل الذي كان يعلم أن مهمته ضخمة. . وأنها أكبر من جهد الفرد. . ولكنه كان قوى العزيمة إلى الحد الذي يضفي الثقة على النفس. . فآمن بأنه سيصل

ومضى يعمل ويسهر ويكد ويجهد. . يقابل الناس، ويتحدث إليهم. . ويخطب فيهم. . ويكتب لهم

ومضى ينفق من صحته ومن أعصابه، حتى كان اليوم والليلة يضيقان بما يريد. . ومع هذا ظلت أعصابه قوية. . وكان يزداد مع الأيام تألقاً

لم يمرض يوماً، ولم ينم في فراش. . كأنما كان جسده محصن ضد المرض، وكان كثير الأسفار لا تجهده. . بل كان لقاءه لأعوانه، في كل مكان، يزيد روحه قوة، ويفيض على نفسه حماسة وإشراقاً

وكان موفقاً لا تقف عقبة في طريقة مهما عظمت

وكان لبقاً، فلم يلتق بإنسان مهما كان كبير، إلا استطاع أن يغلبه ويقنعه ويضفي عليه شعاعاً من روحه الوهاج

ولو كان في مصر يوم بدأت الأحداث لتلافاها، ولا استطاع أن يطفئ النار بل أن يزداد لهيبها. .

وعندما وقعت القرعة انصرف عن الرجل بعض الذين كانوا يلقونه من قبل بالإكبار من ذوى الرأي. . ودخلوا جحوره، وخشى كل منهم أن قف في وجه الطوفان الذي كانت تدفعه يده. . بل إن بعضهم انضم إلى خصومه ودارى معرفته السابقة له، بحرب عوان. .

. . توارى الذين كانوا يحرصون على أن يكسبوه أو يفيدوا منه. . وهذا شأن الشرق، يحنى رأسه للرجل الذي يتألق، فإذا انصرف عنه الجاه العريض، شيعه الناس بالسخرية والاستخفاف. . .

والناس من يلق خيرا قائلون له ما يشتهي. . ولأم المخطئ الهبل

<<  <  ج:
ص:  >  >>