من القوم حلوا بالربى وأمدهم ... قديم المساعي والعلاء القدامس
تحلهم دار العدو شفارهم ... وترعيهم الأرض القنى المداعس
بها ليل أزوال، بكل قبيلة ... ملاذع من نيرانهم ومقابس
أو ينبغي أن يهجر ذوقالجيل الحاضر ان نفر من مثل هذا الشعر؟
أرى أن حاجة الكتاب إلى الإبانةوالإعراب والإبداعتسوغ لهم أن يتخيروا من اللغة ما يشاءون، ويطبعوا ذوقالأمة كما يبتغون، وأرى أن الذوق ربما يكون وليد الجهل وفساد الطبع، والاستكانة إلى كل هين يسير، والركون إلى كل سفساس مبتذل.
للذوق الحكم حين يتسع العلم باللغة والأدب، وتعرض ألفاظ عدة لمعنى واحد فيختار الذوق واحداً منها. وللاختيار أسباب كثيرة، فقد يختار (هبيخ وبعاق وكنهور) وقد يختار غيرها. وإنما الفظاظة والثقل أن يعمد الكاتب إلى كلمات غير مألوفة فيؤثرها على المألوف إغرابا وتعمقا وشذوذاً ومخالفة للذوق دون جدوى.
ثم يقول الأستاذ:(لذلك أصبحت في معاجم لغتنا ألفاظ كثيرة ليس لها قيمة الا إنها أثرية تحفظ فيها كما تحفظ التحف في دار الآثار) وأنا أقول بعد الذي قدمت: ما أشد حاجتنا إلى كثير من هذه الألفاظ المهجورة، فإنها مجدية على من يعرفها ويستعملها. وعسى أن تصير ملائمة لذوق الجيل الحاضر حين يعرفها فيقضي بها حاجته من الإبانة عما يريد.
ربما يقول الأستاذ بعد قراءة هذه الكلمة. إن الذوق في رأيي هو الذوق الذي تخلقه الحاجة والمعرفة والتمكن من اللغة والأدب، وبلوغ الغاية مما نريد لا الذوق الذي يكون على العلات في كل حين. فان يكن هذا الذي أراده أستاذنا فقد شرحته وبينته وبررت بوعدي حين لقيته فقلت:(سأنقد مقالك أو أشرحه) وأما الأستاذ الثاني وهو أجدر بالمجادلة فموعدنا بنقده (الرسالة الآتية)