للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

- وتلعثم أونوريه قليلاً. . فكانت المرأة أشد منه دهاءً. . فلم يجد من مفاتحتها مباشرة بقوله:

- كم تأخذين للعناية بأمي حتى النهاية؟ إننا يائسون من التحسن كما تعلمين. . لقد كانت تعمل كفتاة في العاشرة رغم بلوغها الثانية والتسعين.

وأجابت الأم رابت في اقتضاب وتحفظ:

- إنني أتقاضى سعرين. . فللأغنياء. . فرنكان لليوم وثلاثة لليل. . . أما الفقراء. . ففرنك واحد لليوم واثنان لليل. . وسأعاملك كالفريق الثاني: واحد واثنان.

وراح أونوريه يفكر. . أنه يعرف أمه تماماََ. . ويعرف مقدار مقاومتها للمرض،. فلربما عاشت أسبوعا آخر رغم زعم الطبيب بموتها العجل، فأجاب المرأة قائلاً:

- كلا. . إنني أريد أن أكافئك إجمالياً لإتمام المهمة. . أنه نوع من المقامرة. . فلقد أكد الطبيب أنها ستموت حالاً. . فلو تم ذلك فسيكون ذلك أقل ربحاً لك وأقل خسارة لي.

ونظرت إليه الأم رابت بدهشة. . فلم سبق لها أن عاملت محتظراً بعقد. . وترددت لحظة. . وفجأة راودتها فكرة الخداع فأسرعت قائلة:

- لا يمكنني الموافقة على ذلك حتى أرى أمك

- إذن. . هيا بنا لرؤيتها

وجففت المرأة يديها م تبعته صامتة طوال الماشية وهي ترعى الكلأ، فتمتم أونوريه: اطمئنوا. . فستأكلون القمح الجديد عن قريب.

ولم تكن المرأة العجوز قد ماتت بعد. . بل كانت مستلقية على ظهرها، وقد امتدت يداها فوق غطاء الفراش الملون وقد بدا عليها الضعف والهزال. واتجهت الأم رابت نحو الفراش ثم حدقت في المرأة المحتضرة وتحسست بنفسها ثم مرت بيدها على صدرها وهي تصغي لصوت تنفسها الخافت الذي يشبه النزع، وألقت عليها بضع أسئلة حتى تتأكد من ضعف صوتها؛ ثم غادرت الغرفة بعد ذلك الامتحان يتبعها أونوريه. كان رأيها الشخصي أن المرأة لا يمكن أن تستمر على قيد الحياة حتى المساء

وسألها أونوريه بلهفة: والآن؟

وأجابته المرأة بخبث:

<<  <  ج:
ص:  >  >>