- ستعيش يومين وربما ثلاثة أيام. . وسأتقاضى منك ستة فرنكات.
وردد أونوريه قولها: ستة فرنكات؟ الله. . ست فرنكات كاملة؟ هل جننت أيتها المرأة؟ سوف لا تعيش إلا خمس أو ست ساعات على الأكثر.
واشتد الجدل بين الرجل والمرأة. . وأصرت المرأة على الرحيل. . فتخيل أونوريه حنطته في انتظار الحصاد، فلم يجد بداً من الخضوع وتمتم مستسلماً: سأعطيك المبلغ على أن ينتنهي الأمر كلية مهما طال أمده.
وأوسع خطاه نحو الحقل. . في حين رجعت الأم رابت إلى حجرة المريضة وهمست قائلة لها: لاشك انك تريدين الاعتراف يا مدام بونتمبس؟
وأشارت مدام بونتمبس برأسها إيجاباً. . فنهضت الأم رابت بسرور ونشاط وهي تهتف يا إله السماوات. . سأذهب لإحضار القس
وأسرعت المرأة في طريقها نحو القس. . وعادت معه وهي تضطره إلى الإسراع غير عابئة بدهشة الرجال الذين ينظرون إليهما باستغراب، ولا بنظرات النساء اللاتي كن يرسمن علامة الصليب على صدورهن. ورآهن أونوريه عن بعد. . فتساءل عن سبب إسراع القس، وما كان أسرع جاره في الإجابة عليه قائلاً: أنه سيتلقى اعتراف أمك دون شك.
ولم يساور أونوريه العجب لذلك. . بل واصل الحصاد في هدوء
وتلقى القس اعتراف مدام بونتمبس. ثم غادر المكان. . ومرة أخرى أصبحت المرأتان على انفراد وابتدأت الأم رابت تفقد صبرها وهي تعجب كيف أن المرأة لم تمت حتى الآن.
وشحب لون النهار. . وازدادت برودة الجو. وراحت فراشات الليل تحوم حول النافذة تحاول التحرر من أسرها كروج المرأة العجوز التي كانت راقدة دون حراك وعيناها محملقتان وكأنها في انتظار رؤية شبح الموت. . بينما أنفاسها تتدافع من صدرها بطيئة ذات صفير خافت أليم.
وعاد أونوريه. . فوجد أمه مازالت على قيد الحياة. . فتساءل دهشاََ عن كيفية إمكان ذلك. . ثم ودع الأم رابت بعد أن أوصاها أن تعود في تمام الخامسة مكن صباح اليوم التالي. . وفعلاَ عادت المرأة قبل انبثاق الفجر وأسرعت بسؤال أونوريه قائلة: ألم تمت أمك بعد؟