وكان الصناع في زمن قدسي يشكلون العمود الفقري للنقابة وهم يحفظون مستوى الصناعة وأسرارها.
ويصف قدسي بتفصيل حفلات الإجازة، أو الشد. وكانت تجري بحضور شيخ الحرفة وأساتذتها ونقيب الحرف والشاويش ويتولى الشاويش والنقيب عملية الشد.
وتؤخذ العهود على العضو بالمحافظة على أسرار الحرفة والصنع الجيد وأن لا يخون الكار ولا يغش الصنعة بشيء. ثم يتساءل قدسي في الأخير عن التشابه بين مراسيم الحرف وبين الماسونية الحرة في أوربا وعن سببه.
ونضيف بعض ملاحظات عن نقابات مصر في نفس الفترة. فهنا نجد الحرف تحت إشراف رئيس البوليس ويدعى رئيس الحرفة (شيخ الطائفة) وله مجلس من المختارين يدعوه بمثابة محكمة للنقابة. ويرفع المبتدئ إلى درجة أوسطة رأسا دون وجود مرتبة صانع. وهناك نوع من التأمين ضد البطالة والمرض يتعاون في تحقيقه أعضاء الحرفة. ولن أتطرق هنا إلى (النقابات الوضعية) للنشالين واللصوص وقطاع الطرق؛ وهذه وإن لم تكن جزءا من نقابات الحرف إلا أنها أثرت في الحط من سمعتها.
لقد تزعزعت هذه التشكيلات أمام الهزة الأوربية وزالت أو تضاءلت أمام الموجة الجديدة والتنظيمات العمالة الحديثة خلال الربع الأخير من القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين.
ومما مر نستخلص ما يلي: -
١ - أن النقابات الإسلامية نشأت من الشعب وكانت استجابة لحاجات العمال أنفسهم وكان موقفها أحيانا غير ودي أو عدائي للحكم. ٢ - ثم نلاحظ أن أصحاب العمل من أستاذ وصانع ومبتدئ يكونون طبقة اجتماعية واحدة فيها مجال التقدم لكل فرد دون تناحر ودون الانقسام الذي ولدته رأسمالية أوربا. وهذا تطور طبيعي لظروف المجتمع الإسلامي الاقتصادية والاجتماعية.
٣ - تضم النقابات الإسلامية أفرادا من مختلف الطوائف في جو من التسامح الاجتماعي والفكري عكس ما حصل في الغرب.
٤ - للنقابات الإسلامية حياة روحية ومثل خلقية فهي قوة تهذيبية مهنية في نفس الوقت ولم