رأسه فأسال دمه ودعاه نبطيا، وذهب الصبي المسكين إلى مواليه يبكي وينتحب ويسألهم أن يمدوا إليه يد المعونة، وليست تلك المعونة هي وقف الدم الذي يسيل منه، ولكن محو ما أصابه من عار حين قال له القصاب (يا نبطي)، والسبيل إلى محو ذلك العار هو أن يعلن أولياؤه من عنزة أنه عنزي وقد كان. وما حادث القصاب إلا نموذج لحوادث أخرى كثيرة تكررت وجرت على الشاعر كثيرا من الخزي والشعور بالضعة.
ومن الحق أن يقال إن الشاعر كاد ينسى أو يتناسى ما مر به في تلك الفترة من تجارب قاسية، فقد استقامت أموره ولمع نجمه في سماء المجتمع حين صار شاعرا مجيدا بعد أن كان بائع خزف مهين، ولكن حدثا جللا قد عرض له فكدر عليه نشوة النجاح وأعاد إلى ذاكرته صورة الماضي البغيض وزاده إيمانا بأن الحياة ليست إلا موطنا للشقاء والألم، وأعطاه دليلاً جديدا على فساد نظام المجتمع، ذلك هو حبه لعتبة وهو ما سيكون موضوع حديثنا في المقال التالي إنشاء الله.