نظرية محو الطبقات وتلميذه ستالين منفذ تلك النظرية الخاطئة بالقوة لا بالإقناع، فالمساواة بين الطبقات إنما هي التضليل بعينه، والدعوة إلى إهمال الأصول وإنكارها والتمسك بما حصل عليه الإنسان أو بما وصل إليه إنما هو الكذب الصراح.
قد نجد شعراء ومجتهدين وعلماء وأغنياء وعظماء ومصلحين نبتوا نبتة شيطان من الطبقة الدنيا.
لم تكن نفوس المدعوين مهيأة إلى محاربة روح الشر بالتسامي أو بالإغضاء عن هفوة من مواطن في حق وطنه ومواطنيه. وسرعان ما نهض أحدنا وهو ربع القامة، عريض المنكبين، مفتول العضل. يكاد أن يكون رأسه قائما على كتفيه لقصر في عنقه، ذو عينين صغيرتين تنبعث منهما نظرة صارمة، حارب الألمان في صفوف الفرنسيين، وقاتل الفرنسيين في كل ميدان من ميادين الثورة عليهم، وقال بصوت بدأ هادئا ثم أخذت نبراته تشتد دون ارتفاع.
باسم الثورة لا باسم القانون أنقض حكم حضرة القاضي، لقد غدوت من غير الخاضعين لقوانين هذا البلد الذي حماني لأن مجلس وزرائه قرر اليوم إبعادي وسأكون قرب ظهر الغد في سفينة تنقلني إلى أوربا، وإنه ليطيب لي أن أزيل الغم عن صدوركم وأعيد الراحة إلى نفوسكم، بإصدار حكمي أنا على هذا المخادع الغشاش والداعية الأثيم للطاعة لولي الأمر ولو كان من المستعمرين والخضوع لقوانين الذل والعبودية. والتفت صوب المنكود (حصل أفندي) الذي كان قابعا في مقعده لا يندى له جبين ولا يحمر له وجه ولا يصغر وقال:
لقد كنت تسعى وتتجول وتنتقل من مكان آخر بقدمك هذه أني لأرى من العدل بل من الرحمة أن أعفيك من إتمام سعيك، وإبطاء تجوالك بكسر قدمك هذه. وانقض عليه انقضاض الرجل الغاضب لوطنه وكرامة عروبته يلوي مفصل قدم المنكود ليا عنيفا.
كان الرعديد يصرخ ويولول. لقد استجار بالله، وبرسله وأوليائه، لقد حلفنا بأولادنا وأعراضنا أن ننقذه من بلائه.
لقد كلت أيدينا، وعجزنا على كثرتنا عن تخليص قدم المسكين من قبضة صديقنا المنتقم، ولم يتركها إلا بعد أن خلع مفصلها.
إن أنس لا أنس صاحب الدعوة، وهو طبيب قتل اغتيالا كيف صير بيته مستشفى وقد