للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بطل الحرب الثانية وقاهر الألمان وأن تحتفظ بسمعتك: وعلى نفسك جنيت إذ رجعت إلى الحكومة. . وأخاف أن يكون مصيرك كمصير الإمبراطور البيزنطي هرقل الذي انتصر على الفرس وسجل لنفسه فتحا رائعا في التاريخ ثم صادم العرب فلم يمت حتى انهزم أمامهم فأحبط ماضيه وأساء إلى نفسه وكان كالساعي إلى حتفه بظلفه.

وكلمة أخيرة إلى الرئيس ترومان، ما هذا التعاون على الإثم والعدوان أيها الرئيس الجليل! وأين الديمقراطية التي تتزعمها وتزعم أنك تدافع عنها وتجاهد في سبيلها فلم نرك إلا مرددا لصدى بريطانيا، كأنك جبل لا تملك إلا الصدى، ولم نرك تقبض مرة على الظالم وتنصر المظلوم وتغضب للحق، ولم نرك انتصرت لشعب مستضعف ومنعت زميلتك بريطانيا من الظلم وحذرتها من عواقبه! بل بالعكس رأيناك تسابق بريطانيا وساويتها في جحد الحق والمكابرة وإرغام الشعوب على ما لا ترضاه ثقة بثروتك الضخمة ومواردك العظيمة. وما ننس فلا ننسى سياستك الغاشمة في قضية فلسطين وممالئتك السافرة لليهود وكيف احتضنت الصهيونية وتبنيت إسرائيل ولا تزال تحدب عليها كالأم الروم، أفليس من السذاجة، أو من الوقاحة - إذا سمحت - طمعك في صداقة العرب بعد ذلك.

ألا فليسمع مستر ترومان وليسمع الذي له أذنان أن سياسة الاستعمار قد فشلت، وأن الشرق قد بدأ يفهم الحقائق، وإن جرب الغرب بمعسكراته وجبهاته فلم ير إلا شرا ومرا وظلما وجورا ودعاوى فارغة وتبجحا وتنطعا وعبثا بالعقول. . وأن في الشرق الإسلامي عقولا لا تخدعها البهرجة والتزويق والوعود الخلابة. . وأن هنالك ضمائر وذمما لا يستطيع الدولار الأمريكي أن يشتريها ويتملكها. . فليرجع الغرب أدراجه وليشتغل بنفسه والدفاع عنه وليترك الشرق الإسلامي يقول كلمته ويدبر شؤونه ويدافع عن نفسه. . ومن المقرر أن الشرق الإسلامي والأقطار الإسلامية بعيدة عن كل هجوم وخطر إذا دفع المعسكر الغربي عنها حضانته وابتعد عنها.

أبو الحسين على الحسني الندوي

<<  <  ج:
ص:  >  >>