ولا يتسع له، وهذه الكلمة التي ننشئها لم تكن إلا من قبيل الذكرى في مناسبة عابرة، وكان لا بد لنا أن نعطر كلمتنا بشذا من أريج حياته، فإنا نأتي بذرة ومن جليل أعماله التي كان لها أثر خالد في الأدب العربي.
في أوائل هذا القرن ظهرت في مصر (بدعة لغوية) نادى بها ودعا إليها نفر من كتابنا، وكانت هذه البدعة تدعو إلى (تمصير اللغة العربية) بأن ندخل فيها من الألفاظ السوقية ونمزج تراكيبها بالمصطلحات العامية حتى تخرج لغة الكتابة في أسلوب يجمع كل اللهجات المصرية فيفهمها الناس جميعاً.
وكان يؤيد هذا الرأي الأستاذ الكبير أحمد لطفي السيد باشا بما ينشره في (الجريدة) التي كان يتولى تحريرها.
وما لبثت هذه البدعة أن أنجبت مولوداً سموه (الجديد) ومعناه أن تكون لنا عربية جديدة لا نجري في بيانها على أساليب العرب الفصحاء، وأن لا نتقيد فيما نكتب بأصول البلاغة العربية وجعلوا الميراث الأدبي البليغ (قديماً) يجب أن يذهب بذهاب أهله، ولأن هؤلاء الدعاة لم يجدوا أمامهم من يذود عن هذا الميراث ويدافع عن لغة القرآن أقوى من الرافعي فقد نحلوه زعامة الأدب الذي أصبح في رأيهم (قديماً) ونشبت بينه وبينهم معارك طاحنة كان ينازلهم فيها وحده (تحت راية القرآن) في حين أنهم كانوا جمعاً كبيرا ذا قوة وجاه وسلطان، ولم يزل يكافحهم بشباة قلمه البليغ حتى قضى على تلك البدعة وما نحلت وكتب الله النصر للغة كتابه.
ومن عجيب الأمر أنك ترى اليوم بعض من كانوا يدعون إلى هذه البدع قد أصبحوا من أشد الناس تعصباً لأساليب العربية في بيانها ولغتها.
ومن مآثره التي سجلها له الأدب العربي في صحائف مفاخره أنه لما أنشئت الجامعة المصرية في سنة ١٩٠٨ لم يكن من مناهجها دراسة آداب اللغة العربية فغضب غضبة مضرية وحمل حملة صادقة على إدارة الجامعة لكي تتدارك تفريطها العظيم في جنب الآداب العربية، وما لبثت هذه الإدارة أن عادت إلى الصواب وقررت تدريس آداب اللغة العربية، ولا تزال هذه الدراسة تنمى وتزدهر.
ولم يقف جهاده وفضله في هذا السبيل عند ذلك النصر؛ بل دفعه اعتزازه بلغته وتمكنه من