للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

آدابها إلى أن يخرج في هذه الآداب وتاريخها كتاباً بعد أن لم يكن لها كتاب شامل، فأظهر في سنة ١٩١٢ كتابه الخالد (تاريخ آداب العرب) ذلك الكتاب الذي لم يؤلف في موضوعه مثله؛ وبحسبك أن ترى شيح المجلات العربية (المقتطف) التي كانت تزن المؤلفات العربية بميزان دقيق قد عقدت له يوم صدوره فصلا ممتعا من إنشاء محررها العالم الجليل الدكتور يعقوب صروف تحدث فيه عن مزايا هذا الكتاب وفضائله ختمه بهذه العبارات الدقيقة:

(والكتاب حافل بالفوائد اللغوية والأدبية والنتائج الفلسفية، ولغته في المقام الأول من الفصاحة، وهو حقيق بأن يدعى كتاب الشهر الأول بل كتاب السنة، لأننا لا نتذكر أننا رأينا منذ سنة إلى الآن كتابا عربيا اقتضى جمعه وتبويبه واستنباط أدلته ما اقتضاه هذا الكتاب، وعسى أن يجد من إقبال القراء عليه ما هو أهل له)

ولم يكد الأستاذ الكبير أحمد لطفي السيد باشا يطالع هذا الكتاب حتى أنشأ من أجله مقالا ضافيا ملأ به صدر (الجريدة) نجتزئ منه بما يلي

قرأنا هذا الجزء فأما نحوه فعليه طابع الباكورة في بابه يدل على أن المؤلف قد ملك موضوعه ملكا تاما وأخذ بعد ذلك يتصرف فيه تصرفا حسناً. وليس من السهل أن تجتمع له الأغراض التي بسطها في هذا الجزء الأول إلا بعد درس طويل وتعب ممل.

وأما أسلوب الرافعي في كتابته فإنه سليم من الشوائب الأعجمية التي تقع لنا في كتاباتنا نحن العرب المتأخرين، فكأني وأنا أقرئه أقرأ من قلم المبرد في استعماله المساواة وإلباس المعاني ألفاظاً سابقة مفصلة عليها لا طويلة تتعثر فيها ولا قصيرة تؤدي بعض أجزائها، وإنا نكبر غرض الرافعي ونشكره على ما حققه)

أما أمير البيان شكيب أرسلان رحمه الله فقد جرد له مقالا بليغاً حلى به صدر جريدة (المؤيد)، مهد فيه بفذلكة نفيسة في دراسة الأدب العربي ثم استطرد إلى الإشارة بفضل هذا الكتاب وكان مما قاله:

(. . . كتب تاريخ الآداب العربية، ولم تكن الآداب وقائع تؤرخ ولا أدوارها عند العرب مما يسهل تتبعه وتبصر أعلامه على نصب من تآليف سابقة، بل هي أعلام طامسة ودروس دارسة، فرع لها ذلك الكاتب الضليع طنوب التحقيق حتى جمع من عظامها المبثوثة ورمامها المبعثرة هيكلا صحيحاً. وزاد بهجته ووفر شطر حسنه ما أوتيه من ملكة

<<  <  ج:
ص:  >  >>