العربية الفصحى والتمكن من ناصية التعبير عن كل ما أراد، فلو كان هذا الكتاب خطا محجوبا في بيت حرام إخراجه منه لاستحق أن يحج إليه، ولو عكف على غير كتاب الله في نواشئ الأسحار لكان جديرا بأن يعكف عليه).
وقد صدر من هذا الكتاب جزء ثان في (إعجاز القرآن) نجتزي
في بيان قدره، بما وصفه سعد زغلول به، وهو شيخ زعماء
مصر، وأبلغ سياسي في هذا العصر، وهاك جملا من خطاب
طويل أرسله إلى الرافعي من مسجد وصيف مؤرخ
١١١١٩٢٦
(. . . ولكن قوما ما أنكروا هذه البداهة (أي عجز أهل البيان عن الإتيان بمثل القرآن) وحاولوا سترها فجاء كتابكم (إعجاز القرآن) مصدقاً لآياتها، مكذبا لأفكارهم، وأيد بلاغة القرآن وإعجازها بأدلة مشتقة من أسرارها في بيان مستمد من روحها، كأنه تنزيل من التنزيل، أو قبس من نور الذكر الحكيم.
فلكم على الاجتهاد في وضعه والعناية بطبعه شكر المؤمنين وأجر العاملين والاحترام الفائق)
وهذا الخطاب لم يكتب مثله هذا الزعيم الكبير لأحد غير الرافعي، ولا جاء في التاريخ كله كلمة في وصف كتاب مثل هذه الكلمة البليغة.
ومما يملأ القلب حسرة والنفس أسى أن قضى الرافعي رحمه الله قبل أن يتم هذا الكتاب، ومما يزيد في الأسى ويضاعف في الحسرة أنا لم نجد من أدبائنا الكبار من يتقدم ليحمل هذا العبء ويقوم بأداء هذا الواجب الذي هو في الحقيقة دين في أعناقهم جمعياً لا تبرأ ذمتهم منه حتى يؤدوه كاملا، وهم غير معذورين، وبخاصة فإن الأمور الآن ممهدة والطرق معبدة، وللأدب العربي عديد من الكليات بالأزهر والجامعات.
والحسرة في مثل هذا الأمر لا يضارعها إلا حسرة أخرى على تفسير القرآن الحكيم الذي أخرجته قريحتا الإمامين الجليلين محمد عبده والسيد رشيد رضا رحمهما الله فإنما - وا