للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

وهذا يعني بأن الروس وحلفاءهم راضون بالتعامل بالجنيه الإسترليني والروبية الهندية والباكستانية والعملة المصرية وغيرها من العملة المتبادلة خارج منطقة الدولار الأمريكي والفرنك السويسري والمارك السويدي وغير ذلك من أنواع العملة الصعبة.

ولهذا الأسلوب إغراؤه الشديد خصوصاً لدى بريطانيا ودول أوربا الغربية وشعوب آسيا وأمريكا اللاتينية التي تعاني أزمة في توفير العملة الصعبة لاستيراد ما هي في حاجة إليه من محاصيل وسلع ومنتجات صناعية لا تستطيع الحصول عليها إلا بالدولار - والدولار عزيز هذه الأيام في كثير من بقاع العالم خارج أمريكا الشمالية.

وثمة أمر آخر له أهميته الاقتصادية. فقد أدى اشتراك الصين الشيوعية في مؤتمر موسكو الذي نحن بصدده إلى سيل لعاب الدول التجارية الكبرى كبريطانيا مثلاً. فبريطانيا تعاني الآن ضائقة مالية لعينة مبعثها اختلال الميزان التجاري وقصور الصادرات البريطانية عن اللحاق بالواردات، وهذا وضع أرغم بريطانيا على أن تنفق على استيراد الطعام والمواد الأولية من الخارج بنسبة تفوق بكثير ما يدخل إلى الاقتصاد البريطاني من أثمان الصادرات البريطانية إلى الأسواق العالمية. والبريطانيون يدركون أن الصين الشيوعية سوق تجاري مغري يعيش فيه أكثر من ٤٠٠ مليون نسمة. فإذا توفر لبريطانيا بيع منتجاتها وبضائعها في السوق الصيني فإنها لا ريب مفرجة عن كثير من أوجه ضائقتها الاقتصادية الحادة.

وقد عرض المندوبون الروس على المندوبين البريطانيين في مؤتمر موسكو الذي نحن بصدده أن تشتري روسيا من المنسوجات البريطانية ما يبلغ ثمنه ٣٠ مليوناً من الجنيهات. فإذا تمت هذه الصفقة فإنها ستعيد الحياة إلى مصانع الغزل والنسيج البريطانية في منطقة (لانكشير) المشهورة بجودة إنتاجها والتي أخذت في المدة الأخيرة تعاني أزمة بطالة حادة سببها قلة التصدير إلى الخارج بعد أن استعادت المنسوجات اليابانية مركزها في أسواق الشرق الأقصى والهند؛ وبعد أن عادت الحياة الصناعية في ألمانيا إلى البروز بشكل سريع خلق للإنتاج البريطاني منافسة شديدة في كثير من أسواق العالم.

ولما كانت شؤون ألمانيا واليابان الاقتصادية لازالت الآن إلى حد بعيد في يد السلطات الأمريكية والحليفة، فإن هذه السلطات لم توفر بعد فرصة لليابانيين والألمان بالتعامل

<<  <  ج:
ص:  >  >>