ويستشهد الأمريكان في معرض انتقادهم لحملة السلم الروسية بما يلمسه المراقبون في منطقة النفوذ السوفيتي من ازدياد السيطرة الروسية على مقدرات دول أوربا الشرقية والصين الشيوعية. وحين يحلل الساسة الأمريكان حملة السلم الروسية على هذا النحو فإنهم بالطبع واثقون من أن مؤتمر موسكو الاقتصادي لترويج التبادل التجاري بين الغرب والدول الشيوعية هو جزء من هذا التشويش السياسي الذي تهدف إليه روسيا في حملتها السلمية.
ورأى خبراء الشؤون الروسية في واشنطن أن مؤتمر موسكو يهدف إلى ثلاثة أمور رئيسية:
أولها - تشجيع الدول الأوربية الأسيوية ودول أمريكا اللاتينية التي تعاني أزمة اقتصادية بأن تقدم على المتاجرة مع الشعوب الشيوعية على أساس يضمن لهذه الدول التغلب على ضائقاتها الاقتصادية ومن ثم اتجاهها أكثر فأكثر نحو موسكو في السلوك التجاري والسياسي. فإذا استدرجت روسيا وحلفاؤها في بادئ الأمر هذه الدول الأوربية الأسيوية واللاتينية إلى المتاجرة الحرة فإن هذا الاستدراج كفيل بأن يربط عجلة الاقتصاد في هذه الدول التي ليست شيوعية إلى عجلة الاقتصاد السوفيتي بحيث تستطيع روسيا وحلفاؤها الشيوعيون معه الحصول على بعض المواد الحربية مع مضي الزمن.
ثانيها - تستطيع روسيا بخطوتها الأخيرة في مؤتمر موسكو أن تصرف ما تختزنه من بضائع ومنتجات لا يسري عليها الخطر الذي فرضه الأمريكان على حلفائهم في المعاملات التجارية مع منطقة النفوذ السوفيتي.
فالمعروف مثلاً أن محاصيل القمح والحبوب في روسيا تفوق حاجة الشعب الروسي. وللروس منفعة في تصريف هذه المحاصيل مقابل الحصول على سلع يستهلكها الشعب الروسي؛ وبذلك تتجه المصانع والأيدي الروسية العاملة التي تنتج الآن هذه السلع السلمية إلى إنتاج الصناعات الثقيلة النافعة للمجهود الحربي.
ثالثها - حين يزداد التبادل التجاري بين منطقة النفوذ السوفيتي والعالم الخارجي تزول بالتدريج من أفكار الناس المخاوف التي تحيط بنشاط الروس وعملائهم في سائر أقطار العالم. وهذا أسلوب يلغم النفوذ الواسع الذي بناه الأمريكان في أوربا الغربية وبقية بلدان