وقد عرض المندوبون الشيوعيون في مؤتمر موسكو على المندوبين الطليان طلبات تجارية لبناء السفن في الأحواض الإيطالية بمبالغ ضخمة بحيث تعود الحياة إلى هذه الأحواض التي أصبحت تعاني أزمة بطالة حادة.
وفي بلجيكا وهولنده ودول اسكندنافيا توقفت بعض المصانع عن الإنتاج لعدم توفر الأسواق فجاءت عروض الدول الشيوعية على مندوبي هؤلاء الدول مغرية.
وجدير بالذكر أن النشاط الاقتصادي في دول أوربا الغربية وبريطانيا محصور الآن في الصناعة الثقيلة التي لها علاقة بالمجهود الحربي. أما صناعة النسيج والأحذية والمنتجات الكيماوية وغيرها من الصناعة الخفيفة السليمة فقد تعطل البعض الأكبر منه عن العمل. وحين يتوفر لها مثل هذه العروض التي قدمها الشيوعيون في مؤتمر موسكو الاقتصادي فإن من الصعب مقاومة الإغراء في إعادة التبادل التجاري بين شرقي أوربا وغربيها.
وهذا بالضبط ما دفع أوساط السياسة العالمية للاهتمام بهذه الخطوة الروسية في مؤتمر موسكو التي تركز الجهد في الناحية الاقتصادية البحتة من حرب الأعصاب.
وكان طبيعياً أن تدرك الأوساط الأمريكية وجه الخطورة الروسية الجديدة وما لها من أثر على مصالح أمريكا السياسية والعسكرية والاقتصادية وصميم علاقاتها مع دول الحلف الأطلنطي وبقية أقطار العالم.
ويعلل الأمريكان هذه الخطورة الروسية الجديدة بأنها جزء من حملة (السلم) التي أخذ الشيوعيون يعملون لها بنشاط فائق على أساس ما يقول الأمريكان بأنه مبدأ جديد في السياسة الروسية. وفلسفة هذا المبدأ تقول (لنربح عن طريق السلم ما نحتاج إليه في صراعنا المسلح). ويقول الأمريكان إن حركة السلم الروسية هذه تتناقض وبعض الحقائق السافرة التي تعيش عليها سياسة موسكو الخارجية والداخلية. ومن هذه الحقائق كون الميزانية الروسية الحكومية معقدة بشكل لا يستطيع معه الناس أن يقدروا تقديراً سليماً مبلغ حصص الاستعداد العسكري الروسي من ميزانية الدولة العامة. ومنها كذلك تركيز الإنتاج الصناعي الروسي في تنمية الصناعات الثقيلة التي تعزز الاستعداد الحربي وتخفيض إنتاج السلع التي تصلح للاستهلاك السلمي. ومن هذه الحقائق أيضاً هذا العدد الهائل من القوات العسكرية الروسية التي توجد الآن تحت السلاح أو في عداد القوات الاحتياطية.