للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

الألم، ويحدث في القلوب كلوماً لا تلتئم.

مميزات هذا الدور

ذكرنا أن هذا الدور كان قد امتاز بكثرة ما نظمه الشعراء من المثنوي ووفرة ما أنتجه رجال الفكر والأدب من الملاحم والقصص. ونضيف إلى ذلك بعض المميزات الأخرى. وأول ما يبدر إلى الذهن في هذا الخصوص هو ما نلحظه من الاهتمام الشديد بالأدب الشعبي والعناية البالغة به. وقد ظهر شعراء سلكوا مسلك الصوفي المعروف الشاعر الشعبي (يونس أمره)؛ منهم (سعيد أمره)؛ من منتسبي الطريقة البكتاشية. . و (تايغو سز آبدال) الذي عاش في دور السلطان مراد الثاني. . و (حاجي بايرام) مؤسس الطريقة البايرامية في الأناضول. . . و (أشرف أوغلو) المتوفى سنة ١٤٦٩م وغيرهم من الشعراء الذين كانوا متأثرين بأدب (يونس أمره) وبأسلوبه في الشعر.

وإن من أهم ما يختص به الأدب الشعبي في هذا الدور نشوء القصص الحديثة. وقد ظهرت هذه القصص تحت عنوان (حكايات دره قورقوت). وهي تعتبر كنزاً ثميناً للأدب التركي، وقد كتبها أحد الشعراء بلغة تركية سليمة وبأسلوب ممتع جذاب، مصوراً الحياة الاجتماعية والأخلاقية عند الأتراك في العصور القديمة تصويراً بديعاً؛ فيحدثنا فيها عن الحياة العائلية وعن العلاقة الزوجية، وعن موقف الأولاد من الأسرة، وكذلك يبحث لنا عن النواحي الثقافية والأدبية بصورة عامة.

ويمتاز هذا الدور من تاريخ الأدب التركي بنمو الأدب الجغتائي وتكامله. ولقد سبق أن رأينا أن الأدب التركي كان قد تفرع إلى فروع رئيسية ثلاثة: العثماني والآذري والجغتائي. وكلها آداب متشابهة من حيث الروح والجوهر، وإن كانت مختلفة في الشكل والمظهر. فنجد أنها جميعاً تنتظم تحت قواعد معينة وقيود متشابهة. فالأشعار في هذه الآداب التركية الثلاثة بأوزانها وأساليبها ومقاييسها ومفاهيمها متجانسة ومتشابهة إلى حد بعيد، وإنما الاختلاف كان في الألفاظ والحروف وفي قواعد اللغة وتنوع اللهجات في البلاد.

وامتاز الأدب الجغتائي في هذا الدور بنمو الوعي القومي بين شعرائه. وكانت فكرة القومية عندهم تستند على أسس علمية قوية وعلى مبادئ أخلاقية متينة. ويعد الشاعر (علي شير نوائي) من أعاظم الشعراء الذين قاموا بتمثيل الأدوار الرئيسية لتلك الحركة. فقد سجله في

<<  <  ج:
ص:  >  >>