للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

الوهم، فهي معي هنا، وأنا معها هناك. . .!

ومضيت على وجهي أتنفس في الحقول المبسوطة مد البصر وهرول إلي صبي ضاحك مبسوط اليدين

قال: (أبي! أنت هنا؟ لقد نشدتك طويلاً فما بلغت إليك نفسي!)

قلت: (أهذا أنت يا ولدي؛ ما بيدك؟)

قال: (هي زهرة جميلة، سأغرسها في حديقة الدار تنفح العطر وتبعث البهجة والجمال؛ سيسر أمي أن تراها. . . أين أمي، لماذا لا أراها هنا؟)

قلت: (أمك؟ حسبتها معك، أتعرف أين ألقاها؟ فقد نشدتكما طويلاً؛ إن الدار من دونكما خلاء!)

قال: (آه، سأذهب لأدعوها فأنها في انتظارك من زمان. . .!)

ويلي! هي هناك تنتظر وأنا هنا؛ فما لنا لم نلتق من زمان؟

ومضى الصبي يبحث عن أمه، وإن عينيه لتنظران إلى الخلف يستوقفني إلى أن يعود!

إن الولد لأبويه هو الجب والحنان والرحمة؛ هذا هو يسعى ليجمع الحبيبين وما التقيا قبلها مرة، فإذا تم له أن يخرج إلى الحياة يمرح بين أبويه فانه لعقدة الحب ووثائق الأبد

أرأيت إلى الزوجين إذ ينفث الشيطان نفثته فتفترق أجسادهما؛ أتراهما يفترقان حقيقة وبينهما غلام؟ ألا إن خواطرهما لتلتقي عنده على طواعية ورضى في كل لحظة مرات، وإن لم يتراءيا وجها لوجه. . .!

مضى الصبي يبحث. . . وأنا لا أزال أبحث

أنا إلى الآن رجل عزب يحلم. . . وابني إلى الآن لا يزال في الغيب، يستجديني الحياة مني ومن أمه التي لم أعرفها بعد، ولا أزال أبحث عنها، وهي لا تزال تبحث عني. . .!

أين أنت يا ولدي؟

أتراك تعود إليّ حياً كأولاد الدنيا، أم كنت ومضة أمل برقت لعيني خاطفة في الحلم، ثم توارت كلمحة البرق في ظلال السماء!

أي زوجتي التي لم أعرفها لأني لم أرها بعد!

أي زوجتي التي تنتظر وراء الستر حالمةً ترقب الميعاد!

<<  <  ج:
ص:  >  >>