يستكمل دراسته في إنجلترا، وقد عاد إلى مصر سنة ١٩٣٠ فاشتغل بالتدريس في كلية الطب، وقضى بها تسع سنوات أستاذاً لجراحة العظام، ثم اختير عند إنشاء جامعة إبراهيم مديراً لها.
وأشار الدكتور مدكور إلى النواحي المختلفة لشخصية الدكتور كامل حسين، ثم خص الناحيتين العلمية والأدبية بشيء من التفصيل. ومما قاله إن العالم الكبير يؤمن بالتجربة باعتبارها وسيلة المعرفة في العلم والحديث، ويؤمن بالعقل كوسيلة لاستخلاص القضايا العامة من التجارب الجزئية. ولما عرض للناحية الأدبية قال إن نشأته الأولى - من حيث حياته المدرسية - لم يكن فيها مجال أو باعث على الدراسة الأدبية، وإنما ساقه إلى الأدب حسه المرهف وقراءاته الشخصية، وقد دفعه كذلك إلى الأدب علمه، فهو يؤثر الفكرة الواضحة ويرى أن الحقائق العلمية تحتاج إلى التعبير الدقيق السليم، وقال إنه مزج العلم بالأدب، إذ عرض العلم عرضاً طلياً، ونحا في الأدب منحى العلم من حيث الدقة والتحليل والمقارنة، وأتى برأي له فيما وقع بشعر المتنبي من تعقيد إذ علله تعليلاً نفسياً بأن المتنبي طلب في حياته أموراً عزت عليه، فشعر بالإخفاق وتكونت عنده عقدة بسبب ذلك، فعمد إلى خلق صعوبات في شعره ليقنع نفسه بالتغلب عليها.
ثم ألقى الدكتور محمد كامل حسين كلمته، وقد تحدث فيها عن سلفه في عضوية المجمع المرحوم أحمد حافظ عوض بك، واستطرد إلى المحاضرة في الحياة الفكرية عندنا وموقفنا من المدنية الغربية.
والواقع أن الدكتور كامل حسين قدم نفسه بهذه المحاضرة تقديماً رائعاً، وقد دل بها على أنه أديب مطبوع ومفكر ممتاز، وقد تضمنت محاضرته آراء وخواطر قيمة ممتعة في الأدب واللغة والفكر والحياة. وأعد قراء (الرسالة) بخلاصتها في الأسبوع القادم إن شاء الله.