بضع محسنات لفظية سخيفة يسعى إليها الشاعر سعيا واضحا مكشوفا كاللص الأبله يسرق الناس في رائعة النهار! فإذا تجاوز المحسنات كان همه السطو على المعاني القديمة أو تقليد كبار الشعراء في عصور الحضارة السالفة، وكان حظ مصر عظيما في النهضة الأدبية الأخيرة المباركة في كل وجه من وجوه الثقافة، ولا سيما الشعر، فقد قطعت فيه شوطا بعيدا وأحرزت فيه قصب السبق في حلبة الفنون
في الخمسين سنة الأخيرة، منذ وفاة محمود سامي البارودي، أول طلائع النهضة الحديثة، إلى الآن - لمعت في سماء الشعر شموس وأقمار وكواكب متعددة، توشك أن تكون خمسين شاعراً، وهو عدد - بحمد الله - ليس بقليل!
ربما يخطر في بالك الآن، هذا المثل العامي الظريف:(العدد في الليمون. . .!) وربما تستغرق في الفكاهة، أو تسرف في التجني، فتقول: إن خمسة فقط من هؤلاء الخمسين هم الخالدون الذين يعتد بهم ويعول عليهم، وتحفظ أشعارهم على أنها نماذج رائعة للخيال المنتج والتعبير الجميل، ومناهج مبتكرة للشعور الصادق والفن الأصيل. وأن هؤلاء الخمسة كالصلوات المكتوبة. خمس في العدد، وخمسون في الأجر والثواب!
فدعني أسألك هذا السؤال: من هؤلاء الخمسة الشعراء؟ فتسرع بالجواب: البارودي وصبري وشوقي وحافظ ومطران، فأقول: هؤلاء جميعا في فراديس الجنان، فما بالك بالأحياء؟ فتقول: العقاد وناجي ورامي وعزيز أباظة وعبد الرحمن صدقي، فأستدرك قائلا: ولكن في الطائفة الأولى أعلاماً يجب أن تذكر بالحمد والثناء. حفني ناصف وولي الدين يكن ومحمد عبد المطلب وأحمد محرم وعلي الجارم وزكي مبارك وعلي محمود طه وعبد الحميد الديب وفخري أبو السعود، وفي الطائفة الأخيرة عبد الرحمن شكري ومحمد الأسمر وصالح جودت ومحمد مفيد الشوباشي وبعد اللطيف النشار. . فتصيح من فرط الغضب أو من فرط الدهشة، أو من ملل السرد على الأصح: آمنا وصدقنا يا أخي!! عشرون شاعراً أو ثلاثون. . .
كم شاعراً من هؤلاء جميعا يستحق الدراسة، ويحتاج إلى البحث والاستقصاء؟ - جميعهم بلا استثناء. .!
نعم جميع هؤلاء الشعراء في حاجة ماسة إلى دراسة جديدة تبتعد عن الغلو والملق