والمجاملة، وعن التجني وسوء الظن والزراية. وقد كتبت فيهم جميعا كتابات أكثرها إن لم يكن جميعها لا يخلو من عيب من هذه العيوب
وليس هؤلاء الشعراء وحدهم في حاجة إلى أمثال هذه الأبحاث، بل إن هناك من هم أحق منهم بهذه الدراسات وأولى بالنظر والتعريف. . . هؤلاء هم شعراء الشباب
ما أحوج شعراء الشباب جميعا إلى دراسات منظمة وأبحاث مستفيضة في اتجاهاتهم الفنية ومذاهبهم الشعرية وألوانهم المختلفة في الشعور والتعبير، وما اشد حاجة هذه البراعم الغضة البضة في حديقة الشعر إلى من يتولاها بالري والتشذيب وينير لها السبل. في الصفوف الخلفية مواهب وقرائح وعبقريات ومبعثرة، أكثرها مع الأسف مدفون في التراب، لولا ما يتنفس به بعضهم حينا بعد حين، في الهواء الطلق والجو الفسيح ولو أتيحت الفرصة المناسبة لكثير من براعم شعراء الشباب لكان لنا طبقة جديدة وجبهة قوية تتجه بالشعر إلى أسمى المناهج الحديثة، وتصل بالفن إلى أعلى مراتب الخلود
وإذا كانت هذه البراعم الغضة في حاجة إلى النقد والتمحيص فلكي ننوه بها ونشد أزرها ونشجعها على السير الطويل في طريق الشعر بخطى راسخة وبجهاد لا يلين، بدقة وفطنة وإحكام؛ حتى لا تتكرر المأساة من جديد. . . مأساة التخبط والتقليد
لو أن إسماعيل صبري أخلص النصح لشوقي، وزين له في نشأته الأدبية اعتماده على نفسه، فنبت على ساقه وغاص إلى أعماقه، وعبر عن نفسه ورأيه وشعوره لكان لنا في شوقي (أمير الشعراء) غير الذي كان. . .!
ولو أن شوقي رسم الطريق أمام رامي، فحبب إليه الجزالة والرصانة والفحولة - لكان رامي شاعر الشباب الدائم ولو جاوز التسعين. . .!
ولو أن مصطفى علي عبد الرحمن، اغترف من بحر رامي، ونسج على منواله في الشعر الغنائي مع تعمق ورسوخ لرق شعره وراق!
ومن ناحية أخرى لولا أن العقاد آثر ابن الرومي كل هذا الإيثار، وأحب مذهبه الشعري كل هذا الحب - لما جنى ابن الرومي على شعر العقاد، وكاد يجعل بعضه سراديب عقلية وفكرية ينقصها نور العاطفة المشبوبة في شاعر كبير كالعقاد. .!
وكذلك ولولا أن سيد قطب وأحمد مخيمر والعوضي الوكيل هاموا زمناً طويلا بشعر العقاد