وطريقة العقاد - لكان لإنتاجهم رونق أجمل ولشخصيتهم صور تختلف عن الأصل في بعض الملامح والسمات!
من هنا تبدو بوضوح جناية التقليد والاحتذاء، وتبدو من الجانب الآخر جناية السير على غير هدى ولا اقتداء. ومن هنا أيضاً تأتي مهمة الناقد الأمين الحريص على رسم الخطوط، وهداية الضال إلى الطريق القويم
ويخيل إلى أن نقد كبار الكتاب والشعراء والفنانين عامة ليس نقدا صحيحا صريحا؛ لأنه يغلب عيه الإعجاب والإكبار، وتبرير الأخطاء أحيانا، وأحيانا يغلب عليه التهجم والتنقص والتجريح لسبب من الأسباب
ويخيل إلي أيضاً أنه مضت فترة طويلة خلا فيها الجو الأدبي من النقد الصحيح في ميدان الشعر الحديث، وأن الحاجة ماسة إلى ناقد يكمل هذا النقص ويسد هذا الفراغ الموحش الرهيب. وسأحاول بقدرتي المحدودة وجهدي الضئيل، أن أحمل على عاتقي هذا العبء الثقيل
وأود قبل أن أتناول بعض الشعراء بالنقد والدراسة أن أشير إلى منهجي في البحث إشارة خاطفة: سأخص كل شاعر على انفراد بدراسة مجملة أنبه فيها إلى الخطوط الرئيسية في شعره، فأشيد بحسناته ومزاياه، وأشير إلى بعض العيوب رجاء اجتنابها والسعي الحثيث إلى الكمال، على أنني سأبدأ بدراسة (براعم شعراء الشباب)؛ لإمكان انتفاعهم بهذه الدراسة، وشحذ ملكتهم النفاذة إلى الأعماق. وسأتناول شعراء مصر وشعراء البلاد العربية؛ ففي كل بلد منها طائفة من شعراء الشباب النابهين؛ في الإغضاء عن الإعجاب بقدرتهم الفنية إثم كبير
وليس في استطاعة أحد أن يلم بكل هذا العدد الضخم من النابهين والمغمورين من الشعراء، وسأقتصر على اختيار بعض نماذج صالحة للعرض والتقديم، من المغمورين أولا ثم من المعروفين أخيراً ممن يناط بهم الرجاء. وقد أشرت إليهم إشارة موجزة في كلمتي السابقة، وفي الكلمات التالية إن شاء الله تفصيل هذا الإجمال. وإلى اللقاء مع الشعراء كل أسبوع