للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كانت العلاقة بين الحدثين قوية، إذ يتصل كل منهما بالنزاع الذي كان قائما بين الخليفة وزوجه حول اتصاله بجواريه على حسابها

ولندع هذا الاستنباط جانبا؛ لنعط للشاعر للفرصة كي يتحدث لنا بصراحة عما كان بينه وبين الفضل من اتفاق في هذا الشأن: - يروي أبو الفرج في الأغاني أن الرشيد وجد وهو بالرقة على أبي العتاهية وهو بمدينة السلام؛ فكان أبو العتاهية يرجو أن يتكلم الفضل بن الربيع في أمره فأبطأ عليه بذلك فكتب إليه أبو العتاهية: -

أجفوتني فيمن جفاني ... وجعلت شأنك غير شأني

ولطالما أمنتني ... مما أرى كل الأمان

حتى إذا انقلب الزما ... ن علي صرت مع الزمان

فكلم الفضل فيه الرشيد فرضى عنه ورجع إلى حالته الأولى. ولعل القارئ يرى معنا صحة ما ذهبنا إليه من صراحة هذا النص فيما ندعيه من وجود اتفاق سابق بين الشاعر والفضل، وإلا فلم يتوقع أبو العتاهية أن يتكلم الفضل في أمره؟ ولم يسرع بتقريعه حين يتباطأ في ذلك التكلم؟ ثم انظر إلى الشاعر وهو يبدي دهشته وعجبه من أن يجفوه الفضل فيمن جفاه من الناس نتيجة لغضب الرشيد عليه كأن لم يكن هناك صلة بينهما، ثم يذكره في البيت الثاني بما كان من تشجيعه له على الثورة ضد الرشيد، مؤكدا له أنه لن يتعرض لمكروه ما بسبب تلك الثورة

ومن أدلة ذلك التفاهم والتعاون أيضاً ما كان يصيبه الشاعر من مال الخلفاء نتيجة لتوسط الفضل له، وأمثلة ذلك كثيرة، فمنها ما حدث به الأغاني من أن الرشيد قد حم يوما فذهب أبو العتاهية إلى الفضل بن الربيع برقعة فيها:

لو علم الناس كيف أنت لهم ... ماتوا إذا ما ألمت أجمعهم

خليفة الله أنت ترجح بالنا ... س إذا ما وزنت أنت وهم

قد علم الناس أن وجهك يسـ ... تغني إذا ما رآه معدمهم

فأنشدها الفضل بن ربيع الرشيد فأمر بإحضار أبي العتاهية فما زال يسامره ويحدثه حتى برئ ووصل إليه بذلك السبب مال جليل. ويذكر أبو الفرج أن خالد بن أبي الأزهر قال: بعث الرشيد بالمرجشي إلى ناحية الموصل فجبا له منها مالا كثيرا من بقايا الخراج، فوافى

<<  <  ج:
ص:  >  >>