(فأما الزبد فيذهب جفاء، وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض. .) والسلام على من اتبع الهدى
بغداد
عبد القادر رشيد الناصري
بلاء!
لك أن تضحك بملء فيك، ولك أن تبكي حتى تستغرق في البكاء ولماذا لا يجوز لك أن تضحك وتبكي في آن واحد وأنت في مصر:
قبيل شهر رمضان المبارك ملأت شوارع القاهرة والإسكندرية إعلانات ضخمة تهلل وتكبر لقدوم رمضان لا أظن أن يدا واحدة سلمت من أن تنال منها، ولا عينا واحدة أيضاً برئت من أن تقع عليها لكثرتها وشدة الإلحاح في توزيعها
ولعلك قبل أن تعرف الحقيقة المرة تحسب أن وراء هذه الإعلانات خيرا سيعود على المجتمع في رمضان، أو برا سيخفف لوعة البائسين والمحرومين في هذا الشهر العظيم، أو فتحا جديدا في الصناعة المصرية سترقص له جنبات الوادي غبطة وفرحا، أو تهاونا في أسعار الضروريات بعثته رحمة رمضان في قلوب الذين لا يعرفون الرحمة حتى في شهر البركات والرحمات. . قد تحسب أن وراء هذه الإعلانات كل هذه أو شيئا منها، ولكنك حين تقف على الحقيقة المرة لا بد أن تنال الحسرة من نفسك والألم من قلبك، فلم تكن هذه الإعلانات إلا حملة من الدعاية الساخرة للفرق اللاهية العابثة الراقصة، التي أبت إلا أن تلهو وتعبث. . . ابتهاجا بشهر رمضان!
والغريب العجيب أنه ما من إعلان واحد إلا وكتب بالخط العريض البارز في أوله (ابتهاجا بشهر رمضان المعظم تحيي. .)
وكأن رمضان المعظم الذي يبتهج به عباد الله المؤمنين في الأرض، وملائكته الأبرار في السماء، تبتهج به الفرق المهرجة الراقصة في صالاتها! وكأن لياليه لم تكن لتجتمع خلالها قلوب العباد بالتزوار البرئ، ولتستمطر رحمات الرحمن بالفزع إليه في أسحارها، وإنما كانت لتقضي في حفلات من اللهو والفوضى والتهريج