لو أن هذه الفرق التي لم نجد رادعا في مصر يردعها، ولا يدا من حديد تضرب عليها، ولا جرأة من الرأي العام تضع حد لها. . لو أنها أعلنت عن تهريجها دون أن تشير إلى أن استعدادها لم يكن إلا ابتهاجا برمضان لهان الأمر، ولكن لماذا نفعل والحياء قد ضاقت به أرض مصر، والخجل أوشك أن يهاجر منها، كما هاجر منها المتنبي من قبل وهو يردد قوله المأثور
وكم ذا بمصر من المضحكات ... ولكنه ضحك كالبكا
رمل الإسكندرية
نفسية عبد اللطيف الشيخ
إنها لا تعمي الأبصار
بعثت السيدة هيلين كيللر كتاب شكر إلى وزارة الشؤون الاجتماعية تسجل فيه شكرها على حفاوة المصريين بها. . بمناسبة عودتها إلى وطنها. .
ولقد أثارت قصة هذه السيدة دهشة الكثيرين ممن قرءوها وعجبوا كيف استطاعت أن تشق طريقها نحو المجد فتنال درجة (الدكتوراه) وقد حرمتها الطبيعة ثلاث حواس لا يستغني الإنسان عن واحدة منها. . . وهل يستغني الإنسان عن قوة الإبصار يميز بها الألوان والأحجام. . أو قوة الكلام والإفصاح يعبر بها عما يجول بنفسه وخاطره. . أو قوة السمع التي تربطه بالمجتمع الذي يعيش فيه؟!
كم من الناس يتمتعون بحواسهم وقواهم كاملة، ولكنهم لا يحققون شيئا مما حققته هذه السيدة التي لم يقعدها عجزها عن السعي والدأب والمثابرة!
كم من الناس لهم أعين لا يبصرون بها. أعمتهم الجهالة عن الحقائق فعميت عليهم، وصرفت أبصارهم إلى ما يضرهم ولا ينفعهم!
وكم من الناس لهم آذان لا يسمعون بها. . يصمونها عن الاستماع، فلا تصل إليها صيحة مظلوم يطالب بحقه، أو مستغيث نزل البلاء بساحته. . أو مستجير يلتمس العون والغوث
كثيرون يتمتعون بحواسهم وقواهم كاملة ولكنهم يعيشون على هامش الحياة، لا يوجهون هذه الحواس الوجهة التي تحقق لهم بلوغ أهدافهم، لماذا؟ لأنهم حرموا قوة لا تقل قدرا عن