قد يكون لوحدة الطبيعة المصرية، وقرب تشابهها بعض الأثر. ولكن هذا الأثر لا يجعل شعراءنا وكتابنا ينسون أو يتجاهلون أثر الإقليم المصري كله، أثر ذلك الجو الصافي والسماء الزرقاء والحقول المنبسطة
إني لا أنكر أن بيننا كتابا وشعراء طبيعيين قد أحسوا بما جهله غيرهم، وانهم قد شعروا بهذا النقص المعيب في أدبنا فأرادوا أن يسدوه
. . . ولكني أتساءل في صراحة غير جارحة، هل كان شعورهم بطبيعة بلادهم آتياً من طبيعة نفوسهم. هل أووا إلى طبيعة بلادهم يستلهمونها هذا الفن الخالد، فن الأدب السامي الرفيع بدافع نفسي خالص، أم أن أثر الثقافة الغربية والتأثر بالشعراء الابتداعيين في فرنسا وإنجلترا كان هو الموجه لهم إلى ذلك. . .
. . . إني أخاف أن يكون هذا صحيحاً. وأخاف أن تكون طبيعتنا المصرية الجميلة الساحرة، طبيعتنا المصرية المتأملة المفكرة قد عجزت عن أن تلهم شعراء مصر الشعور بالجمال والغبطة والهدوء. أخاف أن تكون طبيعتنا المصرية الشاعرة عاجزة عن أن تستأثر بأبنائها الكتاب والشعراء فتجذبهم نحوها وتفني فيهم ويفنون فيها كما تفعل الطبيعة الإنجليزية مثلاً. . .
أرجو أن تكون طبيعتنا المصرية قوية كما هي جميلة، ساحرة كما هي هادئة. وأرجو أن يكون هذا النقص راجعاً إلى شعرائنا الذين لا يكادون يشبون حتى يتركوا أمهم الرءوم وينسون موطنهم الأول ويدلجون في ظلم الحياة فتلهيهم عن ذلك المستودع الغني بفنون الحسن والجمال