وتاريخ الشعوب في مختلف العصور والأزمان. . . حافل بكثير من الزعماء والقادة. . . سواء كانوا زعماء سياسة، أو قادة فكر، أو أبطال حرب. . . وهؤلاء جميعاً ساهموا بنصيب كبير، وقسط وافر في نهضة بلادهم. . .
ولقد ظهر في العصر الحديث - في الشرق والغرب على السواء - زعماء كثيرون. . اتصف معظمهم بالجرأة والحزم. . وسرعة البت في الأمور. . وكان لكل منهم أثره في تكوين الأمور. . وتشكيل الحوادث. . وتوجيه الأمم. . من بين هؤلاء مصطفى كمال في تركيا. . وهتلر في ألمانيا. . وموسوليني في إيطاليا. .
ظهر مصطفى كمال في تركيا بعد الحرب الأولى. . وق خرجت منها مهزومة ذليلة. . ولم تكن الهزيمة في تلك الحرب أول الكوارث التي لحقت بتركيا. . فقد انتزعت القوات البريطانية من الأتراك سوريا وفلسطين والعراق خلال الحرب. . كما سبقتها هزائم الحروب مع إيطاليا ودول البلقان. . كما سبقتها أزمات إنشاء الحكومة النيابية. . وقد زاد في حرج الحالة بعد انتهاء الحرب. . احتلال اليونانيين لكثير من الولايات التي كانت تابعة لتركيا، ونزولهم في أزمير. . .
كان العالم كله يتوقع أن الأتراك وهم على هذا الحال من الضعف. . لن تقوم لهم قائمة قبل عشرات السنين. وإذا بهم يخيبون ظن الدول. . ويعملون على إحياء تركيا وبعثها من جديد. . . وكان ذلك بفضل زعيمها العبقري (مصطفى كمال. . .)
رأى مصطفى كمال. . . أن من الواجب العمل على قيام حركة قومية نضالية. . . تهدف إلى الاستقلال والحرية والكرامة. . . وتعمل على توحيد قوى الأمة. . ومقاومة كل حركة أجنبية. . لذلك ترك القسطنطينية. . مركز الدول العثمانية. . ورفع علم القومية العثمانية في أنقرة. . بعيداً عن مرمى مدافع الحلفاء. . وهاجم جيوش اليونان. . فردهم على أعقابهم خاسرين. .
وكان مصطفى كمال يؤمن كل الإيمان بحيوية الأمة التركية. . واستعدادها للنضال في سبيل الحرية والكرامة والعزة. . وكان إيمانه بوطنه أكبر مشجع له على العمل. . وخير دافع له للنهوض ببلاده. . لذلك أثار حربا دامت ثلاث سنوات من سنة ١٩١٩ - ١٩٢٢م.