ظهرت في أوائل القرن الرابع عشر الهجري، محاولات أولية في تدوين التاريخ الحضرمي القديم؛ وهي محاولات بدأت ضيقة، ثم أخذت تتسع تدريجا، فقد ظهر كتاب (الشامل) لمؤلفه السيد علوي الحداد. وكتاب (تاريخ حضرموت السياسي) للأستاذ صلاح البكري، وكتاب (تاريخ الدولة الكثيرية) للسيد محمد بن هاشم، وكنت قد اطلعت على نسخة خطية، بالمكتبة السلطانية بالمكلا من كتاب (التابوت) للسيد عبد الرحمن بن عبيد الله
وأستطيع أن أجزم أن هذه المؤلفات على الرغم من حداثتها لا تخرج عن سرد الحوادث سردا عاما دون تعميق أو توصيب. وقد إعترف السيد (ابن هاشم) في كتابه (تاريخ الدولة الكثيرية) بهذه الحقيقة، فقال في مقدمة الكتاب:(وبعد فقد التزمنا على أنفسنا في هذا الكتاب أن نكتب ما عثرنا عليه في كتب التاريخ من أخبار القوم مجردة من الملاحظات والانتقادات والأخذ والرد والتحليل والتركيب)
ويحاول السيد ابن هاشم أن يبرر هذا المسلك التاريخي بقوله (ولست أجد لي حقا في مؤاخذتي أشخاصا على سلوك سلكوه أناخت على علله وأسبابه السنون، ودفنت مبرراته ومسوغاته ظوال القرون)
ونحن لا نقر السيد (ابن هاشم) وهو الكاتب الأديب على هذا النحو من التفكير. وسواء أكانت المبررات التي زعهما صحيحة أم عير صحيحة فإننا كنا نتوقع أن يعمد إلى (المعول) لنبش الحقائق وغربلتها، وأن يبرأ من تلك الشفقة والرحمة، لأنها لا تجردي في منطق الوقائع التاريخية أو لا تفيد كثيرا
وأود في ختام هذا الحديث القصير أن أشيد بأسلوب (ابن هاشم) في الكتابة: ذلك الأسلوب الأدبي الرصين الذي يطالع القارئ من حين لآخر، في أكثر من مكان من الكتاب
هذه فذلكة عن (مصادر التاريخ الحضرمي) أقدمها في أنسب الأوقات وأصلحها، لعلها تفيد في إنارة السبيل للمعنين بدراسة التاريخ الحضرمي القديم وتعين على فهم الحقائق التاريخية الكبرى