أن يراه أشياء فلما رآه لم يجد شيئا، ولكنه أصبح في حماه وتحت سلطانه، فلير حسنا ما ليس بالحسن، وليمدح العبد المخصي الذي لا تعاب ذات عبوديته، ولكن يعاب تمليكه وهو عبد بين أحرار، وليسخر به كما يسخر الناس قائلين (يا مولانا الأستاذ). . يا سيدنا المدير، يا ولي نعمتنا، ولعنة الله على زمان يتولي السيادة فيه العبيد. . وشاهين يتخذ من مدح المتنبي لكافور شواهد على عظمة كاوفر، فما رأيه في أهاجيه التي خسف بها كافوراً إلى أسفل سافلين؟. . ما رأيه في هذه الأهاجي التي جعلت العبد المخصى أضحوكة في كل فم؟. . وهل بعد قول المتنبي هازئا:(لقد كنت ارجو أن أراك فاطرب)؟. . وماذا يقول الإنسان عن (الأضحوكة) من الناس أو الحيوان غير هذا يا شيخ؟. . . وهلا أدركت ملغ سخرية المتنبي في قوله لكافور:
عدوك مذموم بكل لسان ... ولو كان من أعدائك القمران
نعم ولو كان (القمران) من أعداء كافور لوصفا بالذم؟ وممن؟. . من كان لسان. . بإسلام بإسلام!. . أبعد هذه سخرية؟
وسقط الشيخ سقطته حين توهم أن المتنبي أطال المديح في شبيب بعد قتله لبري الناس أن كافورا كان ينازل خصما قويا وأنه كان أقوى به فتغلب عليه وقهره. . إنما يصح هذا في الأذهان يا فلان لو كان كافور نازل شبيبا في معركة، أو صاله مصاولة الأنداد، ولكن لعلك لا تعرف أن كافورا قضى عليه بأسلوب الخسة واللؤم، فدس عليه من سمه، وتلك خطة الجبناء، وذلك حيث يقول المتنبي:
وقد قتل الأعداء حتى قتلته ... بأضعف قرن في أذل مكان
وأرجو أن تتمهل حتى تدرك مبلغ التعريض بكافور في قول المتنبي عن شبيب:
وما كان إلا النار في كل موضع ... تثير غبارا في مكان دخان
فنال حياة يشتهيها عدوه ... وموتا يشهي الموت كل جبان
إن التعبير ينطق صارخاً: يا كافور، أيها الجبان، إنك لن تنال شرف الميتة التي متها عدوك، فأين أنت منه يا عدو البطل الراحل؟
ويصف الشيخ شاعر العربية المتنبي بأنه (مداح فقط) وما أثقل كلمة (فقط) هذه. . فأين حكمة المتنبي إذن، وأين خبرته بالنفوس، وأين تصويره للطبائع البشرية، وأين أحكامه