وهم في ذلك كمنتجي الأفلام والقصص التي يقدمونها، بعضها كلام فارغ يؤلف هنا، وكثير منها ممسوخ مما هناك. والمنتجون كرؤساء التحرير يبهر البريق أبصارهم، وليس لهم بصائر ينفذون بها إلى جوهر الأدب والفن
ووراء كل ذلك أدب أصيل وملكات كامنة أشار إليها عميدنا في مقاله الثاني إذ استدل بما كتب الكاتبون تعقيبا على مقال الأول على أن في أدبنا حياة كامنة تريد أن تظهر وخصبا مستترا يريد أن يملأ الجو العقلي سعة ورخاء، مستشهدا بقول ابن الرومي:
وكمين الحريق في العود مخفي ... وكمين الرحيق في العنقود
ولا يحتاج ذلك الأدب المستتر إلا إلى من يبرزه ويثيب عليه وينظم العلاقات بين أصحابه وبين طلابه من القراء
(كتاب فن الأدب):
المؤلفات التي تتناول دراسة فن الأدب تستمد أصولها وقواعدها من أدبنا العربي الموروث في منثوره ومنظومه، وتتحدث عن بلاغته بما رسمه الجاحظ وعبد القاهر
فأما أدبنا الحديث، أدب القصة والمقالة وخطرات النفس في استجابتها للحياة، فما زلنا نستمد أصوله ونتعرف ملامحه فيما كتبه أدباء الغرب ونقاده، إذ نحن نقتبس تلك الألوان الأدبية من الفكر الغربي في نهضتنا الحاضرة، ونعالج تجربتها وتمثيلها في طابعنا الشرقي وأدبنا العربي
وقد تجلت تلك التجربة وذلك التمثيل في بضعة كتب ظهرت من قبل، منها (أصول الأدب) و (دفاع عن البلاغة) للأستاذ أحمد حسن الزيات بك، و (فن القصص) للأستاذ محمود تيمور بك، و (النقد الأدبي) للأستاذ سيد قطب، ولعل هذه الأربعة هي المؤلفات التي يعتد بها في هذا المجال، فما أعرف كذلك غيرها
وهذا هو الأستاذ توفيق الحكيم بك يخرج لنا اليوم كتاب (فن الأدب) حافلا بالآراء والأفكار والاتجاهات التي تصور لنا معالم فن الأدب، أو الأدب الفني، بوحي مزاولته الخاصة، وبطابعه الخاص
في هذا الكتاب أكثر من سبعين فصلا في اثني عشر بابا، مثل باب الأدب والفن، والأدب